وإذا ما ابتعدنا المحيط العربي القديم وما كان فيه، وتوسعنا في مجال تأملنا ليشمل كل محيط البشرية، لتوصلنا إلى أن هذه الأشياء الأربع تدخل في حياة الإنسان بشكل رئيسي، حيث من السماء مصدر النور والأمطار والهواء، والأرض مصدر نمو أنواع النباتات وما يتغذى به، وكذا الجبال فبالإضافة لكونها رمز الثبات والعلو ففيها مخازن المياه والمواد المعدنية بألوانها المتنوعة، وما الإبل إلا نموذج شاخص متكامل لذلك الحيوان الأهلي الذي يقدم مختلف الخدمات للإنسان.
وعليه، فقد تجمعت في هذه الأشياء الأربع كل مستلزمات " الزراعة " و " الصناعة " و " الثروة الحيوانية "، وحري بالإنسان والحال هذه أن يتأمل في هذه النعم المعطاءة، كي يندفع بشكل طبيعي لشكر المنعم سبحانه وتعالى، وبلا شك فإن شكر المنعم سيدعوه لمعرفة خالق النعم أكثر فأكثر.
وبعد هذا البحث التوحيدي، يتوجه القرآن الكريم لمخاطبة النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم): فذكر إنما أنت مذكر.. لست عليهم بمصيطر.
نعم، فخلق السماء والأرض والجبال والحيوانات ينطق بعدم عبثية هذا الوجود، وأن خلق الإنسان إنما هو لهدف...
فذكرهم بهدفية الخلق، وبين لهم طريق السلوك الرباني، وكن رائدهم وقدوتهم في مسيرة التكامل البشري.
وليس باستطاعتك إجبارهم، وإن حصل ذلك فلا فائدة منه، لأن شوط الكمال إنما يقطع بالإرادة والاختيار، وليس ثمة من معنى للتكامل الإجباري.
وقيل: إن هذا الأمر الإلهي نزل قبل تشريع " الجهاد "، ثم نسخ به!
وما أعظم هذا الاشتباه!!
فرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مارس عملية التذكير والتبليغ منذ الوهلة الأولى للبعثة الشريفة واستمر على هذا النهج حتى آخر لحظة من حياته الشريفة المباركة، ولم