بعين بصيرة ولب شغول.
ثم إلى الأرض: وإلى الأرض كيف سطحت.
فلينظر الإنسان إلى كيفية هطول الأمطار على الجبال لتسيل من بعدها محملة الأتربة كي تتكون بها السهول الصافية، لتكون صالحة للزراعة من جهة ومهيئة لما يعمل بها الإنسان من جهة أخرى.. ولو كانت كل الأرض عبارة عن جبال ووديان، فما أصعب الحياة على سطحها والحال هذه!
ولابد لنا من التأمل والتفكير في من جعلها تكون على هذه الهيئة الملائمة تماما لحياة الإنسان؟..
ولكن، ما علاقة الربط بين الإبل والسماء والجبال والأرض، حتى تذكرها الآيات بهذا التوالي؟
يقول الفخر الرازي في ذلك: إن القرآن نزل على لغة العرب، وكانوا يسافرون كثيرا لأن بلدتهم بلدة خالية من الزراعية، وكانت أسفارهم في أكثر الأمر على الإيل، فكانوا كثيرا ما يسيرون عليها في المهامة والقفار مستوحشين، منفردين عن الناس، ومن شأن الإنسان إذا انفرد أن يقبل على التفكر في الأشياء، لأنه ليس معه من يحادثه، وليس هناك شئ يشغل به سمعه وبصره، وإذا كان كذلك لم يكن له بد من أن يشغل باله بالفكرة، فإذا فكر في ذلك وقع بصره أول الأمر على الجمل الذي ركبه، فيرى منظرا عجيبا، وإذا نظر إلى فوق لم ير غير السماء، وإذا نظر يمينا وشمالا لم ير غير الجبال، وإذا نظر إلى ما تحت لم ير غير الأرض، فكأنه تعالى أمره بالنظر وقت الخلوة والانفراد عن الغير حتى لا تحمله داعية الكبر والحسد على ترك النظر، ثم إنه في وقت الخلوة في المفازة البعيدة لا يرى شيئا سوى هذه الأشياء، فلا جرم جمع الله بينها في هذه الآية (1).