تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ٨٢
نعم إذا نسبت إلى الله سبحانه فهى نعمة منه وفضل ورحمة لأنه خير يفيض الخير ولا يريد في موهبته شرا ولا سوء وهو رؤوف رحيم غفور ودود قال تعالى: " وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها " إبراهيم: 34 والخطاب في الآية لعامة الناس وقال تعالى:
" وذرني والمكذبين أولى النعمة ومهلهم قليلا " المزمل: 11 وقال تعالى: " ثم إذا خولناه نعمة منا قال انما أوتيته على علم " الزمر: 49 فهذه وأمثالها نعمة إذا نسبت إليه تعالى لكنها نقمة إذا نسبت إلى الكافر بها قال تعالى: " لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد " إبراهيم: 7.
وبالجملة إذا كان الانسان في ولاية الله كان جميع الأسباب التي يتسبب بها في استبقاء الحياة والتوصل إلى السعادة نعما الهية بالنسبة إليه وان كان في ولاية الشيطان تبدلت الجميع نقما وهى جميعا من الله سبحانه نعم وان كانت مكفورا بها.
ثم إن وسائل الحياة ان كانت ناقصة لا تفي بجميع جهات السعادة في الحياة كانت نعمة كمن اوتى مالا وسلب الامن والسلام فلا يتمكن من أن يتمتع به كما يريده ومتى وأينما يريده وإذا كان له من ذلك ما يمكنه التوصل به إلى سعادة الحياة من غير نقص فيه فذلك تمام النعمة.
فقوله: " ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب " يريد أن الله أنعم عليكم بما تسعدون به في حياتكم لكنه يتم ذلك في حقك وفى حق آل يعقوب وهم يعقوب وزوجه وسائر بنيه كما كان رآه في رؤياه.
وقد جعل يوسف (ع) أصلا وآل يعقوب معطوفا عليه إذ قال: " عليك وعلى آل يعقوب " كما يدل عليه الرؤيا إذ رأى يوسف نفسه مسجودا له ورأى آل يعقوب في هيئة الشمس معها القمر وأحد عشر كوكبا سجدا له.
وقد ذكر الله تعالى مما أتم به النعمة على يوسف (ع) انه آتاه الحكم والنبوة والملك والعزة في مصر مضافا إلى أن جعله من المخلصين وعلمه من تأويل الأحاديث ومما أتم به النعمة على آل يعقوب انه أقر عين يعقوب بابنه يوسف (ع) وجاء به وبأهله جميعا من البدو ورزقهم الحضارة بنزول مصر.
وقوله: " كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق " أي نظير ما أتم النعمة
(٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 ... » »»
الفهرست