تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ٧١
قوله تعالى: " وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك " إلى آخر الآية أي وكل القصص نقص عليك تفصيلا أو اجمالا، وقوله: " من أنباء الرسل " بيان لما أضيف إليه كل، وقوله: " ما نثبت به فؤادك " عطف بيان للأنباء أشير به إلى فائدة القصص بالنسبة إليه صلى الله عليه وآله وسلم وهو تثبيت فؤاده وحسم مادة القلق والاضطراب منه.
والمعنى نقص عليك أنباء الرسل لنثبت به فؤادك ونربط جأشك في ما أنت عليه من سلوك سبيل الدعوة إلى الحق، والنهضة على قطع منابت الفساد، والمحنة من اذى قومك.
ثم ذكر تعالى من فائدة السورة ما يعمه صلى الله عليه وآله وسلم وقومه مؤمنين وكافرين فقال فيما يرجع إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم من فائدة نزول السورة: " وجاءك في هذه الحق " والإشارة إلى السورة أو إلى الآيات النازلة فيها أو الانباء على وجه، ومجئ الحق فيها هو ما بين الله تعالى في ضمن القصص وقبلها وبعدها من حقائق المعارف في المبدء والمعاد وسنته تعالى الجارية في خلقه بإرسال الرسل ونشر الدعوة ثم اسعاد المؤمنين في الدنيا بالنجاة، وفي الآخرة بالجنة، وأشقاء الظالمين بالأخذ في الدنيا والعذاب الخالد في الآخرة.
وقال فيما يرجع إلى المؤمنين: " وموعظة وذكرى للمؤمنين " فان فيما ذكر فيها من حقائق المعارف تذكرة للمؤمنين يذكرون بها ما نسبوه من علوم الفطرة في المبدء والمعاد وما يرتبط بهما، وفيما ذكر فيها من القصص والعبر موعظة يتعظون بها.
قوله تعالى: " وقل للذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم انا عاملون وانتظروا انا منتظرون " وهذا فيما يرجع إلى غير المؤمنين يأمر نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ان يختم الحجاج معهم ويقطع خصامهم بعد ما تلا القصص عليهم بهذه الجمل فيقول لهم: أما إذا لم تؤمنوا ولم تنقطعوا عن الشرك والفساد بما القيت إليكم من التذكرة والعبر ولم تصدقوا بما قصه الله من أنباء الأمم وأخبر به من سنته الجارية فيهم فاعملوا على ما أنتم عليه من المكانة والمنزلة، وبما تحسبونه خيرا لكم انا عاملون، وانتظروا ما سيستقبلكم من عاقبة عملكم انا منتظرون فسوف تعرفون صدق النبأ الإلهي وكذبه.
وهذا قطع للخصام ونوع تهديد اورده الله في القصص الماضية قصة نوح وهود وصالح (ع)، وفي قصة شعيب (ع) حاكيا عنه: " ويا قوم اعملوا على مكانتكم انى عامل سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ومن هو كاذب وارتقبوا انى معكم رقيب " آية
(٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 ... » »»
الفهرست