تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ٣٨٣
(بيان) الآية خاتمة السورة وتعطف الكلام على ما في مفتتحها من قوله: " والذي انزل إليك من ربك الحق ولكن أكثر الناس لا يؤمنون " وهى كرة ثالثة على منكري حقية كتاب الله يستشهد فيها بان الله يشهد على الرسالة ومن حصل له العلم بهذا الكتاب يشهد بها.
قوله تعالى: " ويقول الذين كفروا لست مرسلا " الخ بناء الكلام في السورة على انكارهم حقية الكتاب وعدم عدهم إياه آية الهية للرسالة ولذا كانوا يقترحون آية غيره كما حكاه الله تعالى في خلال الآيات مرة بعد مرة وأجاب عنه بما يرد عليهم قولهم فكأنهم لما يئسوا مما اقترحوا أنكروا أصل الرسالة لعدم اذعانهم بما انزل الله من آية وعدم اجابتهم فيما اقترحوه من آية فكانوا يقولون لست مرسلا.
فلقن الله نبيه صلى الله عليه وآله وسلم الحجة عليهم لرسالته بقوله: " قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب " وهو حجة قاطعة وليس بكلام خطابي ولا إحالة إلى ما لا طريق إلى حصول العلم به.
فقوله " قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم " استشهاد بالله سبحانه وهو ولى أمر الارسال وانما هي شهادة تأدية لا شهادة تحمل فقط فان أمثال قوله تعالى: " انك لمن المرسلين على صراط مستقيم " من آيات القرآن وكونه آية معجزة من الله ضروري وكونه قولا وكلاما له سبحانه ضروري واشتماله على تصديق الرسالة بدلالة المطابقة المعتمدة على علم ضروري أيضا ضروري ولا نعنى بشهادة التأدية الا ذلك.
ومن فسر شهادته تعالى من المفسرين بأنه تعالى قد أظهر على رسالتي من الأدلة والحجج ما فيه غنى عن شهادة شاهد آخر ثم قال: وتسمية ذلك شهادة مع أنه فعل وهى قول من المجاز حيث إنه يغنى غناها بل هو أقوى منها انتهى فقد قصد المطلوب من غير طريقه.
وذلك أن الأدلة والحجج الدالة على حقية رسالته صلى الله عليه وآله وسلم اما القرآن وهو الآية
(٣٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 378 379 380 381 382 383 384 385 386 387 388 ... » »»
الفهرست