تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ٢٨٩
ويتقى بها شره فلا ينفع في ردهم الا قصر الربوبية في الله سبحانه واثبات انه رب لا رب سواه واما توحيد الألوهية بمعنى اثبات ان الواجب الوجود واحد لا واجب غيره واليه ينتهى كل وجود فهو أمر لا تنكره الوثنية ولا يضرهم شيئا.
ومن هنا يظهر ان قوله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها موضوع في صدر الآية توطئة وتمهيدا لقوله ثم استوى على العرش الخ من غير أن يكون مقصودا بالذات فيما سيق من البرهان فوزان هذا الصدر من ذيله وزان الصدر من الذيل في قوله تعالى:
" ان ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش " الخ الأعراف: 54 يونس: 3 وما يشابهها من الآيات.
ويظهر أيضا ان قوله بغير عمد متعلق برفع وترونها وصف للعمد والمراد رفعها بغير عمد محسوسة مرئية واما قول من يجعل ترونها جملة مستأنفة تفيد دفع الدخل كان السامع لما سمع قوله رفع السماوات بغير عمد قال ما الدليل على ذلك؟
فأجيب وقيل ترونها أي الدليل على ذلك انها مرئية لكم فبعيد الا على تقدير ان يكون المراد بالسماوات مجموع جهة العلو على ما فيها من اجرام النجوم والكواكب والهواء المتراكم فوق الأرض والسحب والغمام فإنها جميعا مرفوعة من غير عمد ومرئية للانسان.
وقوله ثم استوى على العرش وسخر الشمس والقمر " تقدم الكلام في معنى العرش والاستواء والتسخير في تفسير سورة الأعراف الآية 54.
وقوله: " كل يجرى لأجل مسمى " أي كل منهما يجرى إلى اجل معين يقف عنده ولا يتعداه كذا قيل ومن الجائز بل الراجح ان يكون الضمير المحذوف ضمير جمع راجعا إلى الجميع والمعنى كل من السماوات والشمس والقمر يجرى إلى اجل مسمى فان حكم الجرى والحركة عام مطرد في جميع هذه الأجسام.
وقد تقدم الكلام في معنى الاجل المسمى في تفسير سورة الأنعام الآية 1 فراجع.
وقوله: " يدبر الامر " التدبير هو الاتيان بالشئ عقيب الشئ ويراد به ترتيب الأشياء المتعددة المختلفة ونظمها بوضع كل شئ في موضعه الخاص به بحيث يلحق بكل
(٢٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 ... » »»
الفهرست