تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ٢٨٤
(بيان) غرض السورة بيان حقية ما نزل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الكتاب وانه آية الرسالة وان قولهم: " لولا انزل عليه آية من ربه " وهم يعرضون به للقرآن ولا يعدونه آية كلام مردود إليهم ولا ينبغي للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ان يصغى إليه ولا لهم ان يتفوهوا به.
ويدل على ذلك ابتداء السورة بمثل قوله " والذي انزل إليك من ربك الحق ولكن أكثر الناس لا يؤمنون " واختتامها بقوله " ويقول الذين كفروا لست مرسلا قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم " الآية وتكرار حكاية قولهم لولا انزل عليه آية من ربه.
ومحصل البيان على خطاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ان هذا القرآن النازل عليك حق لا يخالطه باطل فان الذي يشتمل عليه من كلمة الدعوة هو التوحيد الذي تدل عليه آيات الكون من رفع السماوات ومد الأرض وتسخير الشمس والقمر وسائر ما يجرى عليه عجائب تدبيره وغرائب تقديره تعالى.
وتدل على حقية دعوته أيضا اخبار الماضين وآثارهم جاءتهم الرسل بالبينات فكفروا وكذبوا فاخذهم الله بذنوبهم فهذا ما يتضمنه هذا الكتاب وهو آية دالة على رسالتك.
وقولهم " لولا انزل عليه آية " تعريضا منهم للقرآن مردود إليهم اولا بأنك لست الا منذرا وليس لك من الامر شئ حتى يقترح عليك بمثل هذه الكلمة وثانيا ان الهداية والاضلال ليسا كما يزعمون في وسع الآيات حتى يرجوا الهداية من آية يقترحونها وانما ذلك إلى الله سبحانه يضل من يشاء ويهدى من يشاء على نظام حكيم واما قولهم لست مرسلا فيكفيك من الحجة شهادة الله في كلامه على رسالتك ودلالة ما فيه من المعارف الحقة على ذلك.
ومن الحقائق الباهرة المذكورة في هذه السورة ما يتضمنه قوله " انزل من السماء ماء " الآية وقوله " الا بذكر الله تطمئن القلوب " وقوله " يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب " وقوله " فلله المكر جميعا ".
(٢٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 ... » »»
الفهرست