تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ٢٨٦
بها الآيات الكونية من السماء والأرض وما بينهما والدلالة اللفظية التي تتلبس بها الآيات القرآنية المنزلة من عنده تعالى إلى نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ويكون قوله " ولكن أكثر الناس لا يؤمنون " استدراكا متعلق بالجملتين معا أعني بقوله تلك آيات الكتاب وقوله " والذي انزل إليك من ربك الحق " لا بالجملة الأخيرة فحسب.
والمعنى والله أعلم تلك الأمور الكونية وقد أشير بلفظ البعيد دلالة على ارتفاع مكانتها آيات الكتاب العام الكونى دالة على أن الله سبحانه واحد لا شريك له في ربوبيته والقرآن الذي انزل إليك من ربك حق ليس بباطل واللام في قوله الحق للحصر فتفيد المحوضة فتلك آيات قاطعة في دلالتها وهذا حق في نزوله ولكن أكثر الناس لا يؤمنون لا بتلك الآيات العينية ولا بهذا الحق النازل وفي لحن الكلام شئ من اللوم والعتاب.
وقد بان مما مر ان اللام في قوله الحق للحصر ومفاده ان الذي انزل إليه حق فحسب وليس بباطل ولا مختلطا من حق وباطل.
وللمفسرين في تركيب الآية ومعنى مفرداتها كالمراد باسم الإشارة والمراد بالآيات وبالكتاب ومعنى الحصر في قوله الحق والمراد بأكثر الناس أقوال متنوعة مختلفة والأظهر الأنسب لسياق الآيات هو ما قدمناه وعلى من أراد الاطلاع على تفصيل أقوالهم ان يراجع المطولات.
قوله تعالى: " الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها ثم استوى على العرش " إلى آخر الآية قال الراغب في المفردات العمود ما تعتمد عليه الخيمة وجمعه عمد بضمتين وعمد بفتحتين قال في عمد ممددة وقرئ في عمد وقال بغير عمد ترونها انتهى وقيل إن العمد بفتحتين اسم جمع للعماد لا جمع.
والمراد بالآية التذكير بدليل ربوبيته تعالى وحده لا شريك له وان السماوات مرفوعة بغير عمد تعتمد عليها تدركها ابصاركم وهناك نظام جار وهناك شمس وقمر مسخران يجريان إلى اجل مسمى ولا بد ممن يقوم على هذه الأمور فيرفع السماء وينظم النظام ويسخر الشمس والقمر ويدبر الامر ويفصل هذه الآيات بعضها عن بعض تفصيلا فيه رجاء ان توقنوا بلقاء ربكم فالله سبحانه هو ذاك القائم بما ذكر من أمر رفع السماوات
(٢٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 ... » »»
الفهرست