تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ٢٧٥
وفي قصصهم عبرة وبيان للحقائق وهدى ورحمة للمؤمنين.
قوله تعالى: " وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين أي ليس من شان أكثر الناس لانكبابهم على الدنيا وانجذاب نفوسهم إلى زينتها وسهوهم عما اودع في فطرهم من العلم بالله وآياته ان يؤمنوا به ولو حرصت وأحببت ايمانهم والدليل على هذا المعنى الآيات التالية.
قوله تعالى: " وما تسألهم عليه من اجر ان هو الا ذكر للعالمين " الواو حالية أي ما هم بمؤمنين والحال انك ما تسألهم على ايمانهم أو على هذا القرآن الذي ننزله عليك وتتلوه عليهم من اجر حتى يصدهم الغرامة المالية وانفاق ما يحبونه من المال عن قبول دعوته والايمان به.
وقوله " ان هو الا ذكر للعالمين " بيان لشأن القرآن الواقعي وهو انه ممحض في أنه ذكر للعالمين يذكرون به ما اودع الله في قلوب جماعات البشر من العلم به وبآياته فما هو الا ذكر يذكرون به ما أنستهم الغفلة والاعراض وليس من الأمتعة التي يكتسب بها الأموال أو ينال بها عزة أو جاه أو غير ذلك.
قوله تعالى: " وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون " الواو حالية ويحتمل الاستئناف والمرور على الشئ هو موافاته ثم تركه بموافاة ما وراءه فالمرور على الآيات السماوية والأرضية مشاهدتها واحدة بعد أخرى.
والمعنى ان هناك آيات كثيرة سماوية وأرضية تدل بوجودها والنظام البديع الجاري فيها على توحيد ربهم وهم يشاهدونها واحدة بعد أخرى فتتكرر عليهم والحال انهم معرضون عنها لا يتنبهون.
ولو حمل قوله يمرون عليها على التصريح دون الكناية كان من الدليل على ما يبتنى عليه الهيئة الحديثة من حركة الأرض وضعا وانتقالا فانا نحن المارون على الاجرام السماوية بحركة الأرض الانتقالية والوضعية لا بالعكس على ما يخيل إلينا في ظاهر الحس.
قوله تعالى: " وما يؤمن أكثرهم بالله الا وهم مشركون " الضمير في أكثرهم راجع إلى الناس باعتبار ايمانهم أي أكثر الناس ليسوا بمؤمنين وان لم تسألهم عليه اجرا
(٢٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 ... » »»
الفهرست