تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ٢٧٩
قوله تعالى: " حتى إذا استيأس الرسل وظنوا انهم قد كذبوا جاءهم نصرنا " إلى آخر الآية ذكروا ان يأس واستيأس بمعنى ولا يبعد ان يقال ان الاستيئاس هو الاقتراب من اليأس بظهور آثاره لمكان هيئة الاستفعال وهو مما يعد يأسا عرفا وليس باليأس القاطع حقيقة.
وقوله حتى إذا استيأس الخ متعلق الغاية بما يتحصل من الآية السابقة والمعنى تلك الرسل الذين كانوا رجالا أمثالك من أهل القرى وتلك قراهم البائدة دعوهم فلم يستجيبوا وأنذروهم بعذاب الله فلم ينتهوا حتى إذا استيأس الرسل من ايمان أولئك الناس وظن الناس ان الرسل قد كذبوا أي أخبروا بالعذاب كذبا جاء نصرنا فنجئ بذلك من نشاء وهم المؤمنون ولا يرد بأسنا أي شدتنا عن القوم المجرمين.
اما استيأس الرسل من ايمان قومهم فكما أخبر في قصة نوح " وأوحى إلى نوح انه لن يؤمن من قومك الا من قد آمن " هود: 36 وقال نوح " رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا انك ان تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا الا فاجرا كفارا " نوح: 27 ويوجد نظيره في قصص هود وصالح وشعيب وموسى وعيسى (ع).
واما ظن أممهم انهم قد كذبوا فكما أخبر عنه في قصة نوح من قولهم " بل نظنكم كاذبين " هود: 27 وكذا في قصة هود وصالح وقوله " فقال له فرعون انى لأظنك يا موسى مسحورا " اسرى: 101.
واما تنجية المؤمنين بالنصر فكقوله تعالى: " وكان حقا علينا نصر المؤمنين " الروم:
47 وقد أخبر به في هلاك بعض الأمم أيضا كقوله " نجينا هودا والذين آمنوا معه " هود:
58 " نجينا صالحا والذين آمنوا معه " هود: 66 " نجينا شعيبا والذين آمنوا معه " هود:
4 إلى غير ذلك.
واما ان بأس الله لا يرد عن المجرمين فمذكور في آيات كثيرة عموما وخصوصا كقوله " ولكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم قضى بينهم بالقسط وهم لا يظلمون " يونس:
47 وقوله " وإذا أراد الله بقوم سوء فلا مرد له وما لهم من دونه من وال " الرعد:
11 إلى غير ذلك من الآيات.
(٢٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 ... » »»
الفهرست