تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ١٩٢
فذروه في سنبله الا قليلا مما تأكلون ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن الا قليلا مما تحصنون " وجدناه (ع) لم يبن كلامه على أساس اخبارهم بما سيستقبلهم من السنين السبع المخصبة ثم السنين السبع المجدبة ولو أنه أراد ذلك لكان من حق الكلام ان يقول مثلا يأتي عليكم سبع مخصبات ثم يأتي من بعدها سبع شداد يذهبن بما عندكم من الذخائر ثم إذا سئل عن دفع هذه المخمصة وطريق النجاة من هذه المهلكة العامة قال تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله إلى آخر ما قال.
بل بنى كلامه على ذكر ما يجب عليهم من العمل وبين ان امره بذلك توطئة وتقدمة للتخلص عما يهددهم من المجاعة والمخمصة وهو ظاهر وهذا دليل على أن الذي رآه الملك من الرؤيا انما كان مثال ما يجب عليه من اتخاذ التدبير لانجاء الناس من مصيبة الجدب وإشارة إلى ما هو وظيفته قبال مسؤوليته في أمر رعيته وهو ان يسمن بقرات سبعا لتأكلهن بقرات مهازيل ستشد عليهم ويحفظ السنابل الخضر السبع بعد ما يبست على حالها من غير دوس وتصفية لذلك.
فكأن نفس الملك شاهدت في المنام ما يجب عليه من العمل قبال ما يهدد الأرض من سنة الجدب فحكت السنين المخصبة والمجدبة أي الرزق الذي يرتزقون به فيها في صورة البقرة ثم حكت ما في السبع الأول من تكثير المحصول بزرعها دأبا في صورة السمن وما في السبع الاخر في صورة الهزال وحكت نفاد ما ادخروه في السبع الأولى في السبع الثانية بأكل العجاف للسمان وحكت ما يجب عليهم في حفظ ذخائر الرزق بالسنبلات اليابسة قبال السنبلات الخضر.
ولم يزد يوسف (ع) في تأويله على ذلك شيئا الا أمورا ثلاثة أحدها ما استثناه بقوله: " الا قليلا مما تأكلون " وليس جزء من التأويل وانما هو إباحة وبيان لمقدار التصرف الجائز فيما يجب ان يذروه في سنبله.
وثانيها قوله " الا قليلا مما تحصنون " وهو الذي يجب ان يدخروه للعام الذي فيه يغاث الناس وفيه يعصرون ليتخذ بذرا ومددا احتياطيا وكأنه (ع) اخذه من قوله في حكاية الرؤيا يأكلهن سبع عجاف حيث لم يقل أكلتهن بل عبر عن اشتغالهن بأكلهن ولما يفنيهن بأكل كلهن ولو كانت ذخائرهم تنفد في السنين السبع الشداد
(١٩٢)
مفاتيح البحث: الرزق (2)، الأكل (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 ... » »»
الفهرست