لي ما عندكم من حكم رؤياي ان كنتم للرؤيا تعبرون.
قوله تعالى: " قالوا أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين " الأحلام جمع حلم بضمتين وقد يسكن وسطه هو ما يراه النائم في منامه وكأن الأصل في معناه ما يتصور للانسان من داخل نفسه من غير توصله إليه بالحس ومنه تسمية العقل حلما لأنه استقامة التفكر ومنه أيضا الحلم لزمان البلوغ قال تعالى: " وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم " النور: 59 أي زمان البلوغ بلوغ العقل ومنه الحلم بكسر الحاء بمعنى الاناءة ضد الطيش وهو ضبط النفس والطبع عن هيجان الغضب وعدم المعاجلة في العقوبة فإنه انما يكون عن استقامة التفكر وذكر الراغب ان الأصل في معناه الحلم بكسر الحاء ولا يخلو من تكلف.
وقال الراغب الضغث قبضة ريحان أو حشيش أو قضبان وجمعه أضغاث قال تعالى: " وخذ بيدك ضغثا وبه شبه الأحلام المختلفة التي لا تتبين حقائقها قالوا أضغاث أحلام حزم أخلاط من الأحلام انتهى.
وتسمية الرؤيا الواحدة بأضغاث الأحلام كأنه بعناية دعوى كونها صورا متفرقة مختلطة مجتمعة من رؤي مختلفة لكل واحد منها تأويل على حدة فإذا اجتمعت واختلطت عسر للمعبر الوقوف على تأويلها والانسان كثيرا ما ينتقل في نومة واحدة من رؤيا إلى أخرى ومنهما إلى ثالثة وهكذا فإذا اختلطت ابعاضها كانت أضغاث أحلام وامتنع الوقوف على حقيقتها ويدل على ما ذكرنا من العناية التعبير بأضغاث أحلام بتنكير المضاف والمضاف إليه معا كما لا يخفى.
على أن الآية أعني قوله " وقال الملك انى ارى " الخ غير صريحة في كونه رؤيا واحدة وفي التوراة انه رأى البقرات السمان والعجاف في رؤيا والسنبلات الخضر واليابسات في رؤيا أخرى.
وقوله " وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين " ان كان الألف واللام للعهد فالمعنى وما نحن بتأويل هذه المنامات التي هي أضغاث أحلام بعالمين وان كان لغير العهد والجمع المحلى باللام يفيد العموم فالمعنى وما نحن بتأويل جميع المنامات بعالمين وانما نعبر غير أضغاث الأحلام منها وعلى أي حال لا تدافع بين عدهم رؤياه أضغاث أحلام وبين نفيهم