تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ١٩١
خصب مصر انما يكون بفيضان النيل لا بالمطر فالأمطار لا تؤثر فيها اثرا.
رد عليه بان الفيضان نفسه لا يكون الا بالمطر الذي يمده في مجاريه من بلاد السودان.
على أن من الجائز ان يكون يغاث مأخوذا من الغيث بمعنى النبات قال في لسان العرب والغيث الكلاء ينبت من ماء السماء انتهى وهذا انسب من المعنيين السابقين بالنظر إلى قوله وفيه يعصرون.
وقوله وفيه يعصرون من العصر وهو اخراج ما في الشئ من ماء أو دهن بالضغط كاخراج ماء العنب والتمر للدبس وغيره واخراج دهن الزيت والسمسم للائتدام والاستصباح وغيرهما ويمكن ان يراد بالعصر الحلب أي يحلبون ضروع انعامهم كما فسره بعضهم به.
والمعنى ثم يأتي من بعد ذلك أي ما ذكر من السبع الشداد عام فيه تنبت أراضيهم أو يمطرون أو ينصرون وفيه يتخذون الأشربة والأدهنة من الفواكه والبقول أو يحلبون ضروع انعامهم وفيه كناية عن توفر النعمة عليهم وعلى انعامهم ومواشيهم.
قال البيضاوي في تفسيره وهذه بشارة بشرهم بها بعد أن أول البقرات السمان والسنبلات الخضر بسنين مخصبة والعجاف واليابسات بسنين مجدبة وابتلاع العجاف السمان بأكل ما جمع في السنين المخصبة في السنين المجدبة ولعله علم ذلك بالوحي أو بأن انتهاء الجدب بالخصب أو بان السنة الإلهية ان يوسع على عباده بعد ما ضيق عليهم انتهى وذكر غيره نحوا مما ذكره.
وقال صاحب المنار في تفسيره في الآية والمراد ان هذا العام عظيم الخصب والاقبال يكون للناس فيه كل ما يبغون من النعمة والا تراف والانباء بهذا زائد على تأويل الرؤيا لجواز ان يكون العام الأول بعد سني الشدة والجدب دون ذلك فهذا التخصيص والتفصيل لم يعرفه يوسف الا بوحي من الله عز وجل لا مقابل له في رؤيا الملك ولا هو لازم من لوزام تأويلها بهذا التفصيل انتهى.
والذي ارى انهم سلكوا تفسير آيات الرؤيا وتأويلها سبيل المساهلة والمسامحة وذلك انا إذا تدبرنا في كلامه (ع) في التأويل أعني قوله " تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم
(١٩١)
مفاتيح البحث: العصر (بعد الظهر) (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 ... » »»
الفهرست