تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ١٩٥
تنبه لمن يزعم أن مراده من ربى فيما قال لامرأة العزيز انه ربى أحسن مثواي هو زوجها وانه يسميه ربا لنفسه.
وما الطف قوله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن والبال هو الامر الذي يهتم به يقول ما هو الامر العظيم والشأن الخطير الذي أوقعهن فيما وقعن فيه وليس الا هواهن فيه وولههن في حبه حتى أنساهن أنفسهن فقطعن الأيدي مكان الفاكهة تقطيعا فليفكر الملك في نفسه ان الابتلاء بمثل هذه العاشقات الوالهات عظيم جدا والكف عن معاشقتهن والامتناع من أجابتهن بما يردنه وهن يفدينه بالأنفس والأموال أعظم ولم يكن المراودة بالمرة والمرتين ولا الالحاح والاصرار يوما أو يومين ولن تتيسر المقاومة والاستقامة تجاه ذلك الا لمن صرف الله عنه السوء والفحشاء ببرهان من عنده.
قوله تعالى: " قال ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه قلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء الآية قال الراغب الخطب الامر العظيم الذي يكثر فيه التخاطب قال تعالى: " فما خطبك يا سامرى " " فما خطبكم أيها المرسلون " انتهى.
وقال أيضا حصحص الحق أي وضح وذلك بانكشاف ما يظهره وحص وحصحص نحو كف وكفكف وكب وكبكب وحصه قطع منه اما بالمباشرة واما بالحكم إلى أن قال والحصة القطعة من الجملة ويستعمل استعمال النصيب انتهى.
وقوله قال ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه؟ جواب عن سؤال مقدر على ما في الكلام من حذف واضمار ايجازا كل ذلك يدل عليه السياق والتقدير كان سائلا يسأل فيقول فما الذي كان بعد ذلك؟ وما فعل الملك؟ فقيل رجع الرسول إلى الملك وبلغه ما قاله يوسف وسأله من القضاء فاحضر النسوة وسألهن عما يهم من شأنهن في مراودتهن ليوسف ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه؟ قلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء فنزهنه عن كل سوء وشهدن انهن لم يظهر لهن منه ما يسوء فيما راودنه عن نفسه.
وذكرهن كلمة التنزيه حاش لله نظير تنزيههن حينما رأينه لأول مرة حاش لله ما هذا بشرا يدل على بلوغه (ع) النهاية في النزاهة والعفة فيما علمنه كما أنه كان بالغا في الحسن.
(١٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 ... » »»
الفهرست