تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ١٨٨
العلم بتأويل الأحلام عن أنفسهم ولو كان المراد بالأحلام الأحلام الصحيحة فحسب كان كل من شطرى كلامهم يغنى عن الاخر.
ومعنى الآية قالوا أي قال الملا للملك ما رايته أضغاث أحلام واخلاط من منامات مختلفة وما نحن بتأويل هذا النوع من المنامات بعالمين أو وما نحن بتأويل جميع المنامات بعالمين وانما نعلم تأويل الرؤى الصالحة قوله تعالى: " وقال الذي نجا منهما وادكر بعد أمة انا أنبئكم بتأويله فأرسلون " الأمة الجماعة التي تقصد لشأن ويغلب استعمالها في الانسان والمراد بها ههنا الجماعة من السنين وهى المدة التي نسى فيها هذا القائل وهو ساقى الملك ان يذكر يوسف عند ربه وقد سأله يوسف ذلك فأنساه الشيطان ذكر ربه فلبث يوسف في السجن بضع سنين.
والمعنى وقال الذي نجا من السجن من صاحبي يوسف فيه وادكر بعد جماعة من السنين ما سأله يوسف في السجن حين أول رؤياه انا أنبئكم بتأويل ما رآه الملك في منامه فأرسلوني إلى يوسف في السجن حتى أخبركم بتأويل ذلك.
وخطاب الجمع في قوله: " أنبئكم " وقوله فارسلون تشريك لمن حضر مع الملك وهم الملا من أركان الدولة وأعضاد المملكة الذين يلون أمور الناس والدليل عليه قوله الآتي لعلى ارجع إلى الناس كما سيأتي.
قوله تعالى: " يوسف أيها الصديق أفتنا في سبع بقرات سمان " إلى آخر الآية في الكلام حذف وتقدير ايجازا والتقدير فأرسلوه فجاء إلى يوسف في السجن فقال:
يا يوسف أيها الصديق أفتنا في رؤيا الملك وذكر الرؤيا وذكر ان الناس في انتظار تأويله وهذا الأسلوب من لطائف أساليب القرآن الكريم.
وسمى يوسف صديقا وهو كثير الصدق المبالغ فيه لما كان رأى من صدقه فيما عبر به منامه ومنام صاحبه في السجن وأمور أخرى شاهدها من فعله وقوله في السجن وقد امضى الله سبحانه كونه صديقا بنقله ذلك من غير رد.
وقد ذكر متن الرؤيا من غير أن يصرح انه رؤيا فقال " أفتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر واخر يابسات " لان قوله أفتنا
(١٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 ... » »»
الفهرست