تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ١٩٠
وتجاهدون في سبيل الله " الصف: 11 والدليل عليه قوله بعد " فما حصدتم فذروه في سنبله " قيل وانما أمر بوضعه وتركه في سنبله لان السنبل لا يقع فيه سوس ولا يهلك وان بقى مدة من الزمان وإذا ديس وصفى أسرع إليه الهلاك.
والمعنى ازرعوا سبع سنين متواليات فما حصدتم فذروه في سنبله لئلا يهلك وحفظوه كذلك الا قليلا وهو ما تأكلون في هذه السنين.
قوله تعالى: " ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن الا قليلا مما تحصنون " الشداد جمع شديد من الشدة بمعنى الصعوبة لما في سني الجدب والمجاعة من الصعوبة والحرج على الناس أو هو من شد عليه إذا كر وهذا انسب لما بعده من توصيفها بقوله: " يأكلن ما قدمتم لهن.
وعليه فالكلام يشتمل على تمثيل لطيف كأن هذه السنين سباع ضارية تكر على الناس لافتراسهم واكلهم فيقدمون إليها ما ادخروه عندهم من الطعام فتأكله وتنصرف عنهم.
والاحصان الاحراز والادخار والمعنى ثم يأتي من بعد ذلك أي ما ذكر من السنين الخصبة سبع سنين شداد يشددن عليكم يأكلن ما قدمتم لهن الا قليلا مما تحرزون وتدخرون.
قوله تعالى: " ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون " يقال غاثه الله وأغاثه أي نصره ويغيثه بفتح الياء وضمها أي ينصره وهو من الغوث بمعنى النصرة وغاثهم الله يغيثهم من الغيث وهو المطر فقوله " فيه يغاث الناس " ان كان من الغوث كان معناه ينصرون فيه من قبل الله سبحانه بكشف الكربة ورفع الجدب والمجاعة وانزال النعمة والبركة وان كان من الغيث كان معناه يمطرون فيرتفع الجدب من بينهم.
وهذا المعنى الثاني انسب بالنظر إلى قوله بعده وفيه يعصرون ولا يصغى إلى قول من يدعى ان المعنى الأول هو المتبادر من سياق الآية الا على قراءة يعصرون بالبناء للمجهول ومعناه يمطرون.
وما اورده بعض المستشرقين على المعنى الثاني انه لا ينطبق على مورد الآية فان
(١٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 ... » »»
الفهرست