شبهة وريبة.
والثاني ان يعلم أن الخائن مطلقا لا ينال بخيانته غايته وانه سيفتضح لا محالة سنة الله التي قد خلت في عباده ولن تجد لسنه الله تبديلا فان الخيانة من الباطل والباطل لا يدوم وسيظهر الحق عليه ظهورا ولو اهتدى الخائن إلى بغيته لم تفتضح النسوة اللاتي قطعن أيديهن واخذن بالمراودة ولا امرأة العزيز فيما فعلت واصرت عليه فالله لا يهدى كيد الخائنين.
وكان الغرض من الغاية الثانية وان الله لا يهدى كيد الخائنين وتذكيره وتعليمه للملك الحصول على لازم فائدة الخبر وهو ان يعلم الملك انه (ع) عالم بذلك مذعن بحقيقته فإذا كان لم يخنه في عرضه بالغيب ولا يخون في شئ البتة كان جديرا بان يؤتمن على كل شئ نفسا كان أو عرضا أو مالا.
وبهذا الامتياز البين يتهيأ ليوسف ما كان بباله ان يسأل الملك إياه وهو قوله بعد أن اشخص عند الملك اجعلني على خزائن الأرض انى حفيظ عليم.
والآية ظاهرة في أن هذا الملك هو غير عزيز مصر زوج المرأة الذي أشير إليه بقوله: " وألفيا سيدها لدى الباب " وقوله وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه.
وقد ذكر بعض المفسرين ان هذه الآية والتي بعدها تتمة قول امرأة العزيز " الآن حصحص الحق انا راودته عن نفسه وانه لمن الصادقين " وسيأتي الكلام عليه.
قوله تعالى: " وما أبرئ نفسي ان النفس لامارة بالسوء الا ما رحم ربى ان ربى غفور رحيم " تتمة كلام يوسف (ع) وذلك أن قوله: " انى لم أخنه بالغيب كان لا يخلو من شائبة دعوى الحول والقوة وهو (ع) من المخلصين المتوغلين في التوحيد الذين لا يرون لغيره تعالى حولا ولا قوة فبادر (ع) إلى نفى الحول والقوة عن نفسه ونسبة ما ظهر منه من عمل صالح أو صفة جميلة إلى رحمة ربه وتسوية نفسه بسائر النفوس التي هي بحسب الطبع مائلة إلى الأهواء امارة بالسوء فقال: " وما أبرئ نفسي ان النفس لامارة بالسوء الا ما رحم ربى " فقوله هذا كقول شعيب (ع): " ان أريد الا الا صلاح ما استطعت وما توفيقي الا بالله " هود: 88.