تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ١٨١
واطلاق الظن على اعتقاده مع تصريحه لهما بأنه من المقضى المقطوع به وتصريحه بان ربه علمه تأويل الأحاديث لعله من اطلاق الظن على مطلق الاعتقاد وله نظائر في القرآن كقوله تعالى: " الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم " البقرة - 46.
واما قول بعضهم ان اطلاق الظن على اعتقاده يدل على أنه انما أول ما أول عن اجتهاد منه يفسده ما قدمنا الإشارة إليه انه صرح لهما بعلمه في قوله " قضى الامر الذي فيه تستفتيان " والله سبحانه أيد ذلك بقوله: " ولنعلمه من تأويل الأحاديث " وهذا ينافي الاجتهاد الظني.
وقد احتمل ان يكون ضمير ظن راجعا إلى الموصول أي قال يوسف لصاحبه الذي ظن ذلك الصاحب انه ناج منهما وهذا المعنى لا باس به ان ساعده السياق.
وقوله: " فأنساه الشيطان ذكر ربه " الخ الضميران راجعان إلى الذي أي فأنسى الشيطان صاحبه الناجي ان يذكره لربه أو عند ربه فلبث يوسف في السجن بضع سنين والبضع ما دون العشرة فإضافة الذكر إلى ربه من قبيل إضافة المصدر إلى معموله المعدى إليه بالحرف أو إلى المظروف بنوع من الملابسة.
واما ارجاع الضميرين إلى يوسف حتى يفيد ان الشيطان انسى يوسف ذكر الله سبحانه فتعلق بذيل غيره في نجاته من السجن فعوقب على ذلك فلبث في السجن بضع سنين كما ذكره بعضهم وربما نسب إلى الرواية.
فمما يخالف نص الكتاب فان الله سبحانه نص على كونه (ع) من المخلصين ونص على أن المخلصين لا سبيل للشيطان إليهم مضافا إلى ما اثنى الله عليه في هذه السورة.
والاخلاص لله لا يستوجب ترك التوسل بالأسباب فان ذلك من أعظم الجهل لكونه طمعا فيما لا مطمع فيه بل انما يوجب ترك الثقة بها والاعتماد عليها وليس في قوله:
" اذكرني عند ربك " ما يشعر بذلك البتة.
على أن قوله تعالى بعد آيتين: " وقال الذي نجا منهما وادكر بعد امه " الخ قرينة صالحة على أن الناسي هو الساقي دون يوسف
(١٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 ... » »»
الفهرست