تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ١٩٦
والكلام في فصل قوله قالت امرأة العزيز نظير الكلام في قوله قال ما خطبكن وقوله قلن حاش لله فعند ذلك تكلمت امرأة العزيز وهى الأصل في هذه الفتنة واعترفت بذنبها وصدقت يوسف (ع) فيما كان يدعيه من البراءة قالت الآن حصحص ووضح الحق وهو انه انا راودته عن نفسه وانه لمن الصادقين فنسبت المراودة إلى نفسها وكذبت نفسها في اتهامه بالمراودة ولم تقنع بذلك بل برأته تبرئة كاملة انه لم يراود ولا أجابها في مراودتها بالطاعة.
واتضحت بذلك براءته (ع) من كل وجه وفي قول النسوة وقول امرأة العزيز جهات من التأكيد بالغة في ذلك كنفي السوء عنه بالنكرة في سياق النفي مع زيادة من ما علمنا عليه من سوء مع كلمة التنزيه حاش لله في قولهن واعترافها بالذنب في سياق الحصر انا راودته عن نفسه وشهادتها بصدقه مؤكدة بان واللام والجملة الاسمية وانه لمن الصادقين وغير ذلك في قولها وهذا ينفى عنه (ع) كل سوء أعم من الفحشاء والمراودة لها وأي ميل ونزعة إليها وكذب وافتراء بنزاهة من حسن اختياره.
قوله تعالى: " ذلك ليعلم انى لم أخنه بالغيب وان الله لا يهدى كيد الخائنين " من كلام يوسف (ع) على ما يدل عليه السياق وكأنه قاله عن شهادة النسوة على براءة ساحته من كل سوء واعتراف امرأة العزيز بالذنب وشهادتها بصدقه وقضاء الملك ببراءته.
وحكاية القول كثير النظير في القرآن كقوله: " آمن الرسول بما انزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله " البقرة: 285 أي قالوا لا نفرق الخ وقوله وانا لنحن الصافون وانا لنحن المسبحون " الصافات: 166.
وعلى هذا فالإشارة بقوله ذلك إلى ارجاع الرسول إلى الملك وسؤاله القضاء والضمير في ليعلم ولم أخنه عائد إلى العزيز والمعنى انما ارجعت الرسول إلى الملك وسألته ان يحقق الامر ويقضى بالحق ليعلم العزيز انى لم أخنه بالغيب بمراودة امرأته وليعلم ان الله لا يهدى كيد الخائنين.
يذكر (ع) لما فعله من الا رجاع والسؤال غايتين أحدهما ان يعلم العزيز انه لم يخنه وتطيب نفسه منه ويزول عنها وعن امره أي
(١٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 ... » »»
الفهرست