تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ١٣٤
صريح العقل ومحكم الكتاب فلعبت بأحلامهم الإسرائيليات وما يلحق بها من الاخبار الموضوعة المدسوسة وأنستهم كل حق وحقيقة وصرفتهم عن المعارف الحقيقية.
ولذلك تراهم لا يرون لمعارف الدين محتدا وراء الحس ولا للمقامات المعنوية الانسانية كالنبوة والولاية والعصمة والاخلاص أصلا الا الوضع والاعتبار نظائر المقامات الوهمية الاعتبارية الدائرة في مجتمع الانسان الاعتباري التي ليست لها وراء التسمية والمواضعة حقيقة تتكئ عليها وتطمئن إليها.
فيقيسون نفوس الأنبياء الكرام على سائر النفوس العامية التي تنقلب بين الأهواء وبلغت بها الجهالة والخساسة فان ارتقت فإنما ترتقى إلى منزلة التقوى ورجاء الثواب وخوف العقاب تصيب كثيرا وتخطئ وان لحقت بها عصمة الهية في مورد أو موارد فإنما هي قوة حاجزة بين الانسان والمعصية لا تعمل عملها الا بابطال سائر الأسباب والقوى التي جهز بها الانسان والجاء الانسان واضطراره إلى فعل الجميل واقتراف الحسنة ولا جمال لفعل ولا حسن لعمل ولا مدح لانسان مع الالجاء والاضطرار وللكلام تتمة سنوردها في بحث يختص به.
الثاني ظاهر قوله تعالى: " ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه " بناء على ما ذكره النحاة ان جزاء لولا لا يتقدم عليها قياسا على أن الشرطية وعلى هذا يصير قوله وهم بها جملة تامة غير متعلقة بالشرط وجواب لولا قولنا لفعل أو ما يشبه ذلك والتقدير ولقد همت امرأة العزيز بيوسف وهم يوسف بها لولا أن رأى برهان ربه لفعل وهو المطلوب.
وقد عرفت فساد ذلك وان الجملتين معا أعني قوله ولقد همت به وقوله وهم بها قسميتان وان جزاء لولا في معنى الجملة الثانية حذف لدلالتها عليه والكلام على تقدير وأقسم لقد همت به وأقسم لولا أن رأى برهان ربه لهم بها نظير قولهم والله لأضربنه ان ضربني.
على أن الذي قدروه من المعنى كان الأنسب به ان يقال ولولا أن رأى برهان ربه بالوصل ولا وجه ظاهرا من جهة السياق يوجه به الفصل.
2 - ومن الأقوال في الآية ان المراد بهمه (ع) ميل الطبع وانتزاع الغريزة قال في
(١٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 ... » »»
الفهرست