هناك فرق من جهة أخرى وهو خلوص النعمة والكرامة وبلوغ صفائها يوم القيامة وكونها مشوبة غير خالصة في غيره.
ونظيرها قوله تعالى: (ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة الا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة) فصلت: 31 فان الآيات وان كانت ظاهرة في كون هذا التنزل والقول والبشارة يوم الموت لمكان قوله: (كنتم توعدون) وقوله:
(أبشروا) غير أن الاثبات في وقت لا يكفي للنفي في وقت آخر كما عرفت.
هذا ما يدل عليه الآية بحسب إطلاق لفظها وتأييد سائر الآيات لها، وقد قيد أكثر المفسرين قوله: (لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) - بالاستناد إلى آيات الآخرة - بيوم الموت والقيامة، واهملوا ما تفيده خصوصية اللفظ في قوله: (الذين آمنوا وكانوا يتقون) وأخذوا الايمان والتقوى أمرين متقارنين فرجع المعنى إلى أن أولياء الله هم المتقون من أهل الايمان ولا خوف عليهم في الآخرة ولا هم يحزنون وهذا - كما عرفت - من التقييد من غير مقيد.
وعمم بعضهم نفى الخوف والحزن فذكر انهم متصفون به في الدنيا والآخرة غير أنه أفسد المعنى من جهة أخرى فقال: ان المراد بالأولياء على ما تفسرهم به الآية الثانية جميع المتقين من المؤمنين، والمراد بعدم خوفهم وحزنهم انهم لا يخافون في الآخرة مما يخاف منه الكافرون والفاسقون والظالمون من أهوال الموقف وعذاب الموقف وعذاب الآخرة ولا هم يحزنون على ما تركوا وراءهم وأنهم لا يخافون في الدنيا كخوف الكفار ولا يحزنون كحزنهم.
قال: واما أصل الخوف والحزن فهو من الاعراض البشرية التي لا يسلم منها أحد في الدنيا، وانما يكون المؤمنون الصالحون اصبر الناس وأرضاهم بسنن الله اعتقادا وعلما بأنه إذا ابتلاهم بشئ مما يخيف أو يحزن فإنما يربيهم بذلك لتكميل نفوسهم وتمحيصها بالجهاد في سبيله الذي يزداد به أجرهم كما صرحت بذلك الآيات الكثيرة. انتهى.
اما تقييده الآية بأن المنفى عن الأولياء هو الخوف والحزن اللذين يعرضان