تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٠ - الصفحة ٩٠
ما يرجع إليه من أمر، وهو الايمان الكامل الذي تتم به للعبد عبوديته.
قال تعالى: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) النساء: 65، والأشبه أن تكون هذه المرتبة من الايمان أو ما يقرب منه هو المراد بالآية أعني قوله: (الذين آمنوا وكانوا يتقون) فإنه الايمان المسبوق بتقوى مستمر دون الايمان بمرتبته الأولى كما تقدم.
على أن توصيفه أهل هذا الايمان بأنهم (لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) يدل على أن المراد منه الدرجة العالية من الايمان الذي يتم معه معنى العبودية والمملوكية المحضة للعبد الذي يرى معه أن الملك لله وحده لا شريك له، وأن ليس إليه من الامر شئ حتى يخاف فوته أو يحزن لفقده.
وذلك أن الخوف إنما يعرض للنفس عن توقع ضرر يعود إليها، والحزن إنما يطرء عليها لفقد ما تحبه أو تحقق ما تكرهه مما يعود إليها نفعه أو ضرره، ولا يستقيم تحقق ذلك إلا فيما يرى الانسان لنفسه ملكا أو حقا متعلقا بما يخاف عليه أو يحزن لفقده من ولد أو مال أو جاه أو غير ذلك. وأما ما لا علقه للانسان به بوجه من الوجوه أصلا فلا يخاف الانسان عليه ولا يحزن لفقده البتة.
والذي يرى كل شئ ملكا طلقا لله سبحانه لا يشاركه في ملكه أحد لا يرى لنفسه ملكا أو حقا بالنسبة إلى شئ حتى يخاف في امره أو يحزن، وهذا هو الذي يصفه الله من أوليائه إذ يقول: (الا ان أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) فهؤلاء لا يخافون شيئا ولا يحزنون لشئ لا في الدنيا ولا في الآخرة إلا ان يشاء الله وقد شاء ان يخافوا من ربهم وان يحزنوا لما فاتهم من كرامته ان فاتهم وهذا كله من التسليم لله فافهم ذلك.
فاطلاق الآية يفيد اتصافهم بهذين الوصفين: عدم الخوف وعدم الحزن في النشأتين الدنيا والآخرة، واما مثل قوله تعالى: (إلا المتقين يا عباد لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين) الزخرف: 70 فان ظاهر الآيات وان كان هو انها تريد الأولياء بالمعنى الذي تصفه الآية التي نحن فيها إلا ان اثبات عدم الخوف والحزن لهم يوم القيامة لا ينفى ذلك عنهم في غيره. نعم
(٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة يونس 5
2 سورة هود 134
3 (25 - 35) كلام في قدرة الأنبياء والأولياء (بحث فلسفي قرآني) 210
4 (36 - 49) أبحاث حول قصة نوح في فصول (بحث قرآني روائي) 247
5 1 - الإشارة إلى قصته (بحث تاريخي فلسفي) 247
6 2 - قصته عليه السلام في القرآن: 248
7 بعثه وإرساله، دينه وشريعته 248
8 لبثه في قومه، صنعه الفلك 249
9 نزول العذاب ومجئ الطوفان 250
10 قضاء الأمر ونزوله ومن معه إلى الأرض 250
11 قصة ابن نوح الغريق 250
12 3 - خصائص نوح عليه السلام 251
13 4 - قصته في التوراة الحاضرة 252
14 5 - ما جاء في أمر الطوفان في أخبار الأمم وأساطيرهم 257
15 6 - هل كانت نبوته عامة للبشر؟ 259
16 7 - هل الطوفان كان عاما لجميع الأرض؟ 264
17 بحث جيلوجي ملحق بهذا الفصل في فصول 1 - الأراضي الرسوبية 266
18 2 - الطبقات الرسوبية أحدث القشور والطبقات الجيلوجية 267
19 3 - انبساط البحار واتساعها 268
20 4 - العوامل المؤثرة في ازدياد المياه وغزارة عملها في عهد الطوفان 269
21 5 - نتيجة البحث 270
22 6 - عمره عليه السلام الطويل 270
23 7 - أين هو جبل الجودي؟ 271
24 8 - شبهة وجوابها 271
25 (36 - 49) كلام في عبادة الأصنام وفيه فصول (بحث قرآني روائي) 1 - الانسان واطمئنانه إلى الحس (تاريخي فلسفي) 272
26 2 - الإقبال إلى الله بالعبادة 274
27 3 - كيف نشأت الوثنية؟ 275
28 4 - اتخاذ الأصنام لأرباب الأنواع وغيرهم 277
29 5 - الوثنية الصابئة 278
30 6 - الوثنية البرهمية؟ 279
31 7 - الوثنية البوذية 283
32 8 - وثنية العرب 285
33 9 - دفاع الاسلام عن التوحيد ومنازلته الوثنية 287
34 10 - بناء سيرة النبي على التوحيد ونفي الشركاء 290
35 كلام آخر ملحق بالكلام السابق في فصول 290
36 1 - التناسخ عند الوثنيين 290
37 2 - سريان هذه المحاذير إلى سائر الأديان 293
38 3 - إصلاح الاسلام لهذه المفاسد 294
39 4 - إشكال الاستشفاع والتبرك في الاسلام 295
40 كلام في قصة هود (بحث تاريخي قرآني) 307
41 1 - عاد قوم هود 307
42 2 - شخصية هود المعنوية 308
43 كلام في قصة صالح في فصول (بحث تاريخي قرآني) 317
44 1 - ثمود قوم صالح عليه السلام 2 - بعثة صالح 317
45 3 - شخصية صالح 318
46 كلام في قصة البشرى (بحث قرآني) 332
47 كلام في قصة لوط وقومه في فصول: (بحث قرآني تاريخي) 352
48 1 - قصته وقصة قومه في القرآن 352
49 2 - عاقبة أمرهم 353
50 3 - شخصية لوط المعنوية 4 - لوط وقومه في التوراة 354
51 (82 - 95) كلام في معنى حرية الانسان في عمله 370
52 (82 - 95) كلام في قصة شعيب وقومه في القرآن في فصول: (بحث قرآني تاريخي) 377
53 1 - قصته عليه السلام 377
54 2 - شخصيته المعنوية 3 - ذكره في التوراة 378