الله وطيب نفسه بتذكيره ما يسكن وجده وهو أن العزة لله وأنه سميع لمقالهم عليهم بحاله وحالهم وإذ كان له تعالى كل العزة فلا يعبأ بما اعتزوا به من العزة الوهمية فهذوا ما هذوا، وإذ كان سميعا عليما فلو شاء لأخذهم بالنكال وإذ كان لا يأخذهم فإنما في ذلك مصلحة الدعوة وخير العاقبة.
ومن هنا يظهر ان كلا من قوله: (إن العزة لله) وقوله: (هو السميع العليم) علة مستقلة للنهي ولذا جئ بالفصل من غير عطف.
قوله تعالى: (ألا إن لله من في السماوات ومن في الأرض) إلى آخر الآية فيه بيان مالكيته تعالى لكل من في السماوات والأرض التي بها يتم للاله معنى الربوبية فإن الرب هو المالك المدبر لأمر مملوكه، وهذا الملك لله وحده لا شريك له فما يدعون له من الشركاء ليس لهم من معنى الشركة إلا ما في ظن الداعين وفي خرصهم من المفهوم الذي لا مصداق له.
فالآية تقيس شركاءهم إليه تعالى وتحكم ان نسبتهم إليه تعالى نسبة الظن والخرص إلى الحقيقة والحق، والباقي ظاهر.
وقد قيل: (من في السماوات ومن في الأرض) ولم يقل: ما في السماوات وما في الأرض لان الكلام في ربوبية العباد من ذوي الشعور والعقل وهم الملائكة والثقلان.
قوله تعالى: (هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا) الآية. الآية تتمم البيان الذي أورد في الآية السابقة لاثبات ربوبيته تعالى والربوبية - كما تعلم - هي الملك والتدبير، وقد ذكر ملكه تعالى في الآية السابقة، فبذكر تدبير من تدابيره العامة في هذه الآية تصلح به عامة معيشة الناس وتستبقى به حياتهم يتم له معنى الربوبية.
وللإشارة إلى هذا التدبير ذكر مع الليل سكنهم فيه، ومع النهار إبصارهم فيه الباعث لهم إلى أنواع الحركات والتنقلات لكسب مواد الحياة واصلاح شؤون المعاش فليس يتم أمر الحياة الانسانية بالحركة فقط أو بالسكون فقط فدبر الله