وليكن هذا هو ظنه بربه يوم القيامة وليأخذ حذره.
وذكر تلاوة القرآن مستقلا مع دخوله في قوله قبلا: (وما تكون في شأن) فإنه أحد شؤنه صلى الله عليه وآله وسلم للايماء إلى أهمية أمرها ومزيد العناية بها.
وفي الآية اولا تشديد في العظة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعلى أمته، وثانيا: أن الذي يتلوه النبي صلى الله عليه وآله وسلم من القرآن للناس من وحى الله وكلامه لا يطرقه تغيير ولا يدب فيه باطل لا في تلقيه من الله ولا في تلاوته للناس فالآية قريبة المضمون من قوله:
(عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا ليعلم ان قد أبلغوا رسالات ربهم) الجن: 28.
وقوله: (وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة) إلى آخر الآية العزوب الغيبة والتباعد والخفاء، وفيه إشارة إلى حضور الأشياء عنده تعالى من غير غيبة وحفظه لها في كتاب من غير زوال، وقد تقدم بعض ما يتعلق به من الكلام في ذيل قوله:
(وعنده مفاتح الغيب) الانعام: 59 في الجزء السابع من الكتاب.
قوله تعالى: (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) استئناف في الكلام غير أنه متعلق بغرض السورة وهو الدعوة إلى الايمان بكتاب الله والندب إلى توحيد الله تعالى بمعناه الوسيع.
وللدلالة على أهمية المطلب افتتح بلفظة (ألا) التنبيهية، والله سبحانه يذكر في هذه الآية والآيتين بعدها أولياءه ويعرفهم ويصف آثار ولايتهم وما يختصون به من الخصيصة.
والولاية وإن ذكروا لها معاني كثيرة لكن الأصل في معناها ارتفاع الواسطة الحائلة بين الشيئين بحيث لا يكون بينهما ما ليس منهما، ثم استعيرت لقرب الشئ من الشئ بوجه من وجوه القرب كالقرب نسبا أو مكانا أو منزلة أو بصداقة أو غير ذلك ولذلك يطلق الولي على كل من طرفي الولاية، وخاصة بالنظر إلى أن كلا منهما يلي من الاخر ما لا يليه غيره فالله سبحانه ولى عبده المؤمن لأنه يلي أمره ويدبر شأنه فيهديه إلى صراطه المستقيم ويأمره وينهاه فيما ينبغي له أو لا ينبغي وينصره في الحياة الدنيا وفي الآخرة.