تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٠ - الصفحة ٨٩
والمؤمن حقا ولى ربه لأنه يلي منه إطاعته في أمره ونهيه ويلى منه عامة البركات المعنوية من هداية وتوفيق وتأييد وتسديد وما يعقبها من الاكرام بالجنة والرضوان.
فأولياء الله - على أي حال - هم المؤمنون فان الله يعد نفسه وليا لهم في حياتهم المعنوية حيث يقول: (والله ولى المؤمنين) آل عمران: 68.
غير أن الآية التالية لهذه الآية المفسرة للكلمة تأبى أن تكون الولاية شاملة لجميع المؤمنين وفيهم أمثال الذين يقول الله سبحانه فيهم: (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) يوسف: 106 فإن قوله في الآية التالية: (الذين آمنوا وكانوا يتقون) يعرفهم بالايمان والتقوى مع الدلالة على كونهم على تقوى مستمر سابق على إيمانهم من حيث الزمان حيث قيل: (آمنوا) ثم قيل عطفا عليه: (وكانوا يتقون) فدل على أنهم كانوا يستمرون على التقوى قبل تحقق هذا الايمان منهم ومن المعلوم أن الايمان الابتدائي غير مسبوق بالتقوى بل هما متقاربان أو هو قبل التقوى وخاصة التقوى المستمر.
فالمراد بهذه الايمان مرتبة أخرى من مراتب الايمان غير المرتبة الأولى منه.
فقد تقدم في الجزء الأول من الكتاب آية 130 من البقرة أن لكل من الايمان والاسلام وكذا الشرك والكفر مراتب مختلفة بعضها فوق بعض فالمرتبة الأولى من الاسلام إجراء الشهادتين لسانا والتسليم ظاهرا، وتليه المرتبة الأولى من الايمان وهو الاذعان بمؤدى الشهادتين قلبا إجمالا وإن لم يسر إلى جميع ما يعتقد في الدين من الاعتقاد الحق، ولذا كان من الجائز أن يجتمع مع الشرك من بعض الجهات، قال تعالى:
(وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) يوسف: 106.
ولا يزال إسلام العبد يصفو وينمو حتى يستوعب تسليمه لله سبحانه في كل ما يرجع إليه واليه مصير كل أمر، وكلما ارتفع الاسلام درجة ورقى مرتبة كان الايمان المناسب له الاذعان بلوازم تلك المرتبة حتى يسلم العبد لربه حقيقة معنى ألوهيته، وينقطع عنه السخط والاعتراض فلا يسخط لشئ من أمره من قضاء وقدر وحكم، ولا يعترض على شئ من إرادته، وبإزاء ذلك الايمان باليقين بالله وجميع
(٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة يونس 5
2 سورة هود 134
3 (25 - 35) كلام في قدرة الأنبياء والأولياء (بحث فلسفي قرآني) 210
4 (36 - 49) أبحاث حول قصة نوح في فصول (بحث قرآني روائي) 247
5 1 - الإشارة إلى قصته (بحث تاريخي فلسفي) 247
6 2 - قصته عليه السلام في القرآن: 248
7 بعثه وإرساله، دينه وشريعته 248
8 لبثه في قومه، صنعه الفلك 249
9 نزول العذاب ومجئ الطوفان 250
10 قضاء الأمر ونزوله ومن معه إلى الأرض 250
11 قصة ابن نوح الغريق 250
12 3 - خصائص نوح عليه السلام 251
13 4 - قصته في التوراة الحاضرة 252
14 5 - ما جاء في أمر الطوفان في أخبار الأمم وأساطيرهم 257
15 6 - هل كانت نبوته عامة للبشر؟ 259
16 7 - هل الطوفان كان عاما لجميع الأرض؟ 264
17 بحث جيلوجي ملحق بهذا الفصل في فصول 1 - الأراضي الرسوبية 266
18 2 - الطبقات الرسوبية أحدث القشور والطبقات الجيلوجية 267
19 3 - انبساط البحار واتساعها 268
20 4 - العوامل المؤثرة في ازدياد المياه وغزارة عملها في عهد الطوفان 269
21 5 - نتيجة البحث 270
22 6 - عمره عليه السلام الطويل 270
23 7 - أين هو جبل الجودي؟ 271
24 8 - شبهة وجوابها 271
25 (36 - 49) كلام في عبادة الأصنام وفيه فصول (بحث قرآني روائي) 1 - الانسان واطمئنانه إلى الحس (تاريخي فلسفي) 272
26 2 - الإقبال إلى الله بالعبادة 274
27 3 - كيف نشأت الوثنية؟ 275
28 4 - اتخاذ الأصنام لأرباب الأنواع وغيرهم 277
29 5 - الوثنية الصابئة 278
30 6 - الوثنية البرهمية؟ 279
31 7 - الوثنية البوذية 283
32 8 - وثنية العرب 285
33 9 - دفاع الاسلام عن التوحيد ومنازلته الوثنية 287
34 10 - بناء سيرة النبي على التوحيد ونفي الشركاء 290
35 كلام آخر ملحق بالكلام السابق في فصول 290
36 1 - التناسخ عند الوثنيين 290
37 2 - سريان هذه المحاذير إلى سائر الأديان 293
38 3 - إصلاح الاسلام لهذه المفاسد 294
39 4 - إشكال الاستشفاع والتبرك في الاسلام 295
40 كلام في قصة هود (بحث تاريخي قرآني) 307
41 1 - عاد قوم هود 307
42 2 - شخصية هود المعنوية 308
43 كلام في قصة صالح في فصول (بحث تاريخي قرآني) 317
44 1 - ثمود قوم صالح عليه السلام 2 - بعثة صالح 317
45 3 - شخصية صالح 318
46 كلام في قصة البشرى (بحث قرآني) 332
47 كلام في قصة لوط وقومه في فصول: (بحث قرآني تاريخي) 352
48 1 - قصته وقصة قومه في القرآن 352
49 2 - عاقبة أمرهم 353
50 3 - شخصية لوط المعنوية 4 - لوط وقومه في التوراة 354
51 (82 - 95) كلام في معنى حرية الانسان في عمله 370
52 (82 - 95) كلام في قصة شعيب وقومه في القرآن في فصول: (بحث قرآني تاريخي) 377
53 1 - قصته عليه السلام 377
54 2 - شخصيته المعنوية 3 - ذكره في التوراة 378