وعن الصفدي أنه وجه الرواية بأن مدة نبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثلاث وعشرون سنة دعا فيها إلى ربه ثلاث عشرة سنة قبل الهجرة، وعشر سنين بعدها، وقد ورد أن الوحي كان يأتيه ستة أشهر من أولها من طريق الرؤيا الصالحة حتى نزل القرآن، والنسبة بين الستة الأشهر وبين الثلاث وعشرين سنة نسبة الواحد إلى الستة والأربعين.
وقد روى عن ابن عمر وأبي هريرة عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنها جزء من سبعين جزء من النبوة فإن صحت هذه الرواية كان المراد بالتعداد مجرد التكثير من غير خصوصية لعدد السبعين.
واعلم أن الرؤيا ربما أطلقت في لسان القرآن والحديث على ما يشاهده الرائي ما لا يشاهده غيره وإن لم ينم نومه الطبيعي، وقد نبهنا عليه في مباحث النبوة في الجزء الثاني من الكتاب وأحسن كلمة في تفسيرها قوله صلى الله عليه وآله وسلم: تنام عيني ولا ينام قلبى.
* * * واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت فاجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلى ولا تنظرون - 71. فإن توليتم فما سألتكم من أجر إن أجرى إلا على الله وأمرت أن أكون من المسلمين - 72. فكذبوه فنجيناه ومن معه في الفلك وجعلناهم خلائف وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا فانظر كيف كان عاقبة المنذرين - 73. ثم بعثنا من بعده رسلا إلى قومهم فجاءوهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل