الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين. فافهم ذلك.
وقد افتتح سبحانه الآية بقوله: (يا أيها الناس) وهو خطاب لعامة الناس دون المشركين أو مشركي مكة خاصة وإن كانت الآية واقعة في سياق الكلام معهم وذلك لان النعوت المذكورة فيها بقوله: (قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين) تتعلق بعامتهم دون قبيل خاص منهم.
ومن غريب التفسير قول بعضهم: إن المراد بالرحمة ما يتصف به المؤمنون من الرحمة والرأفة فيما بينهم وهو خطأ يدفعه السياق البتة.
قوله تعالى: (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون) الفضل هو الزيادة، وتسمى العطية فضلا لان المعطى إنما يعطى غالبا ما لا يحتاج إليه من المال ففي تسمية ما يفيضه الله على عباده فضلا إشارة إلى غناه تعالى وعدم حاجته في إفاضته إلى ما يفيضه ولا إلى من يفيض عليه.
وليس من البعيد أن يكون المراد بالفضل ما يبسطه الله من عطائه على عامة خلقه، وبالرحمة خصوص ما يفيضه على المؤمنين فإن رحمة السعادة الدينية إذا انضمت إلى النعمة العامة من حياة ورزق وسائر البركات العامة كان المجموع منهما أحق بالفرح والسرور وأحرى بالانبساط والابتهاج.
ومن الممكن أن يتأيد ذلك بقوله: (بفضل الله وبرحمته) حيث أدخلت باء السببية على كل من الفضل والرحمة، وهو مشعر بكون كل واحد منهما سببا مستقلا وإن جمع بينهما ثانيا بقوله: (فبذلك فليفرحوا) للدلالة على استحقاق مجموعهما لان ينحصر فيه الفرح.
ويمكن ان يكون المراد بالفضل غير الرحمة من الأمور المذكورة في الآية السابقة أعني الموعظة وشفاء ما في الصدر والهدى، والمراد بالرحمة: الرحمة بمعناها المذكور في الآية السابقة وهى العطية الخاصة الإلهية التي هي سعادة الحياة في الدنيا والآخرة.
والمعنى على هذا: ان ما تفضل الله به عليهم من الموعظة وشفاء ما في الصدور