كونه بحيث ينتهى إلى الغرض الذي اتى به لأجله وموته خلافه، وحياة الكلمة كونها بحيث تؤثر في السامع اثرا مطلوبا وموتها خلافه، وحياة الانسان كونه جاريا على ما تهدى إليه الفطرة الانسانية ككونه ذا عقل سليم ونفس زاكية، ولذا عد القرآن الشريف الدين حياة للانسان لأنه يرى أن الدين الحق وهو الاسلام هو الفطرة الإلهية.
إذا تبين هذا اتضح أن خروج الحي من الميت وخروج الميت من الحي يختلف معناه بحسب اختلاف المراد بالحياة والموت فعلى النظرتين الأوليين هو خروج الحيوان أو الحيوان والنبات بالكينونة من غيرها كالمني والبيضة والبذر فان الحي كما لا تدوم له هذه الحياة بقاء إلى غير النهاية لا تذهب أيضا بحسب البدء في حياة غير متناهية ولا طريق إلى اثباته، وخروج اجزاء غير ذات حياة من الحيوان أو الحيوان والنبات بالانفصال.
وعلى النظرة الأخيرة أعني نظرة تعميم الحياة لكل ما يترتب عليه آثارها المطلوبة منها هو ان يخرج من الأمور غير المفيدة في باب أمور مفيدة في ذلك الباب بالكينونة والتولد كخلق الانسان الحي والحيوان الحي والنبات الحي من التراب الميت وبالعكس، وكخروج الانسان العاقل الصالح من الانسان الذي لا عقل له ولا صلاح وبالعكس، وخروج المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن.
وظاهر الآية الكريمة بالنظر إلى سياقها ومقام المخاطبة فيها ان يكون المراد باخراج الحي من الميت وبالعكس فيها هو هذا المعنى الأخير، وذلك أن الآية تقيم الحجة على المشركين من المسلك الذي كانوا يسلكونه في الاحتجاج على اتخاذ الالهة المختلفة وهو ان العالم المشهود مجموعة من موجودات مختلفة متشتة علوية وسفلية والسفلية من انسان وحيوان ونبات وبحر وبر وأمور وراء ذلك كثيرة، وكل منها تحت تدبير مدبر شفيع عند الله نعبده بعبادة صنمه ليقربنا إلى الله زلفى وبالجملة انتهاء التدبيرات على اختلافها إلى مدبرات مختلفة يوجب وجود أرباب من دون الله كثيرة.
والآية ترد عليهم حجتهم ببيان انتهاء التدبيرات المختلفة إليه تعالى وان ذلك