تعالى في قوله: (ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما) التحريم: 10. وابن نوح الذي يذكره الله تعالى في الآيات التالية وكان نوح عليه السلام يرى أن المستثنى هو امرأته فحسب حتى بين الله سبحانه أن ابنه ليس من أهله وأنه عمل غير صالح فعند ذلك علم أنه من الذين ظلموا.
وقوله: (ومن آمن وما آمن معه الا قليل) أي واحمل فيها من آمن بك من قومك غير أهلك لان من آمن به من أهله أمر بحمله بقوله: (وأهلك) ولم يؤمن به من القوم الا قليل.
في قوله: (وما آمن معه) دون ان يقال: وما آمن به تلويح إلى أن المعنى:
وما آمن بالله مع نوح الا قليل، وذلك أنسب بالمقام وهو مقام ذكر من أنجاه الله من عذاب الغرق، والملاك فيه هو الايمان بالله والخضوع لربوبيته، وكذا في قوله:
(إلا قليل) دون أن يقال: إلا قليل منهم بلوغا في استقلالهم أن من آمن كان قليلا في نفسه لا بالقياس إلى القوم فقد كانوا في نهاية القلة.
قوله تعالى: (وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها إن ربى لغفور رحيم) قرئ مجراها بفتح الميم وهو مجرى السفينة وسيرها، ومجراها بضم الميم وهو إجراء السفينة وسياقها، ومرساها بضم الميم مصدر ميمي مرادف الارساء، والارساء الاثبات والايقاف، قال تعالى: (والجبال أرساها) النازعات: 32.
وقوله: (وقال اركبوا فيها) معطوف على قوله في الآية السابقة: (جاء أمرنا) أي حتى إذا قال نوح الخ، وخطابه لأهله وسائر المؤمنين أو لجميع من في السفينة.
وقوله: (بسم الله مجراها ومرساها) تسمية منه عليه السلام يجلب به الخير والبركة لجرى السفينة وإرسائها فإن في تعليق فعل من الافعال أو أمر من الأمور على اسم الله تعالى وربطه به صيانة له من الهلاك والفساد واتقاء من الضلال والخسران لما أنه تعالى رفيع الدرجات منيع الجانب لا سبيل للدثور والفناء والعي والعناء إليه فما تعلق به مصون لا محالة من تطرق عارض السوء.
فهو عليه السلام يعلق جرى السفينة وإرساءها باسم الله وهذان هما السببان