الظاهران في نجاة السفينة ومن فيها من الغرق، وإنما ينجح هذان السببان لو شملت العناية الإلهية من ركبها، وإنما تشمل العناية بشمول المغفرة الإلهية لخطايا ركابها والرحمة الإلهية لهم لينجوا من الغرق ويعيشوا على رسلهم في الأرض، ولذلك علل عليه السلام تسميته بقوله: (إن ربى لغفور رحيم) أي إنما أذكر اسم الله على مجرى سفينتي ومرساها لأنه ربى الغفور الرحيم، له أن يحفظ مجراها ومرساها من الاختلال والتخبط حتى ننجو بذلك من الغرق بمغفرته ورحمته.
ونوح عليه السلام أول إنسان حكى الله سبحانه عنه التسمية باسمه الكريم فيما أوحاه من كتابه فهو عليه السلام أول فاتح فتح هذا الباب كما أنه أول من أقام الحجة على التوحيد، وأول من جاء بكتاب وشريعة وأول من انتهض لتعديل الطبقات ورفع التناقض عن المجتمع الانساني.
وما قدمناه من معنى قوله: (بسم الله مجراها ومرساها) مبنى على ما هو الظاهر من كون الجملة تسمية من نوح عليه السلام والمجرى والمرسى مصدرين ميميين وربما احتمل كونه تسمية ممن مع نوح بأمره أو كون مجراها ومرساها اسمين للزمان أو المكان فيختلف المعنى.
قال في الكشاف في الآية: يجوز أن يكون كلاما واحدا وكلامين: فالكلام الواحد أن يتصل باسم الله باركبوا حالا من الواو بمعنى اركبوا فيها مسمين الله أو قائلين بسم الله وقت إجرائها ووقت إرسائها إما لان المجرى والمرسى للوقت واما لأنهما مصدران كالاجراء والارساء حذف منهما الوقت المضاف كقولهم: خفوق النجم ومقدم الحاج، ويجوز أن يراد مكانا الاجراء والارساء، وانتصابهما بما في بسم الله من معنى الفعل أو بما فيه من إرادة القول.
والكلامان أن يكون بسم الله مجراها ومرساها جملة من مبتدء وخبر مقتضبة (1) أي بسم الله اجراؤها وارساؤها، يروى أنه كان إذا أراد أن تجرى قال: بسم الله