والظاهر أن ضمير (به) راجع إلى قوله: (بعض ما يوحى) وإن ذكر بعضهم أن الضمير راجع إلى قولهم: (لولا أنزل عليه كنز) الخ، أو إلى اقتراحهم وهذا أوفق بكون قوله (أن يقولوا) الخ، بدلا من الضمير في (به) وما ذكرناه أوفق بكونه مفعولا له لقوله: (تارك) والتقدير: لعلك تارك ذلك مخافة أن يقولوا: لولا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك.
وقوله: (إنما أنت نذير) جواب عن اقتراحهم بقولهم: لولا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك، وقد تكرر في مواضع من كلامه تعالى ذكر ما اقترحوه اقتصر في بعضها على ذكر مجئ الملك وزيد في بعضها عليه غيره كاقتراح الاتيان بالله سبحانه ليشهد على الرسالة وأن يكون له جنة يأكل منها وأن ينزل من السماء كتابا يقرءونه. وقد أجاب الله سبحانه عنها جميعا بمثل ما أجاب به ههنا وهو أن رسوله ليس له إلا الرسالة فليس بيده وهو بشر رسول أن يجيبهم إلى ما اقترحوا به عليه إلا أن يشاء الله في ذلك شيئا ويأذن في إتيان آية كما قال: (وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله) المؤمن: 78.
ثم عقب قوله: (إنما أنت نذير) بقوله: (والله على كل شئ وكيل) لتتميم الجواب عن اقتراحهم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالمعجزات ومحصله: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بشر مثلهم ولم يؤمر إلا بالانذار وهو الرسالة بإعلام الخطر، والقيام بالأمور كلها وتدبيرها سواء كانت جارية على العادة أو خارقة لها إنما هو إلى الله سبحانه فلا وجه لتعلقهم بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما ليس إليه.
وذلك أن الله سبحانه هو الموجد للأشياء كلها وفاطرها وهو القائم على كل شئ فيما يجرى عليه من النظام فما من شئ إلا وهو تعالى المبدء في أمره وشأنه والمنتهى سواء الأمور الجارية على العادة والخارقة لها فهو تعالى الذي يسلم إليه أمره ويدبر شأنه فهو تعالى الوكيل عليه فإن الوكيل هو الذي يسلم إليه الامر وينفذ فيه منه الحكم فهو تعالى على كل شئ وكيل.