صفة ذم إذا أطلقت لما فيها من التكبر على من لا يجوز أن يتكبر عليه. انتهى.
والمراد بالسيئات بقرينة المقام المصائب والبلايا التي يسوء الانسان نزولها عليه، والمعنى: ولئن أصبناه بالنعمة بعد الضراء ليقولن ذهب الشدائد عنى، وهو كناية عن الاعتقاد بأن هاتيك الشدائد والنوازل لا تعود بعد زوالها ولا تنزل بعد ارتفاعها ثانيا.
وقوله: (إنه لفرح فخور) بمنزلة التعليل لقوله: (ذهب السيئات عنى) فإنه يفرح ولا يزال على ذلك لما ذاقه من النعماء بعد الضراء، ولو كان يرى أن ما عنده من النعماء جائز الزوال لا وثوق على بقائه ولا اعتماد على دوامه، وأن الامر ليس إليه بل إلى غيره ومن الجائز أن يعود إليه ما تركه من السيئات لم يكن فرحا بذلك فإنه لا فرح في أمر مستعار غير ذي قرار.
وانه ليفخر بما أوتى من النعماء على غيره، ولا فخر إلا بكرامة أو منقبة يملكها الانسان فهو يرى ما عنده من النعمة أمرا بيده زمامه ليس لغيره أن يسلبه وينزعه منه ويعيد إليه ما ذهب عنه من السيئات ولذلك يفخر ويكثر من الفخر.
قوله تعالى: (إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة وأجر كبير) ذكر سبحانه ما الانسان مطبوع عليه عند الشدة والبلاء من اليأس والكفر وعند الرخاء والنعماء من الفرح والفخر، ومغزى الكلام أنه مخلوق كليل البصر قصير النظر إنما يرى ما يجده في حاله الحاضرة، ويذهل عما دون ذلك فإن زالت عنه نعمه لم ير لها عودة وأنها كانت من عند الله سبحانه، د وله تعالى ان يعيدها إليه إن شاء حتى يصبر على بلائه ويتعلق قلبه به بالرجاء والمسألة، وإن عادت إليه نعمة بعد زوالها رأى أنه يملكها ففرح وفخر ولم ير لله تعالى صنعا في ذلك حتى يشكره عليها ويكف عن الفرح وعن التطاول على غيره بالفخر.
استثنى سبحانه طائفة من الانسان ووصفهم بقوله (الذين صبروا وعملوا الصالحات) ثم وعدهم وعدا حسنا بقوله: (أولئك لهم مغفرة وأجر كبير) وذلك أن التخلص من هذا الطبع المذموم إنما يتمشى من الصابرين الذين يصبرون عند