تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٠ - الصفحة ١٤٧
وقولهم: ما يحبس العذاب عنا، وقولهم: لولا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك، وقولهم: إنه افترى القرآن. وفيها بعض معارف أخر.
قوله تعالى: (ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه) إلى آخر الآية، ثنى الشئ يثناه ثنيا كفتح يفتح فتحا أي عطفه وطواه ورد بعضه على بعض قال في المجمع: أصل الثنى العطف تقول: ثنيته عن كذا أي عطفته، ومنه الاثنان لعطف أحدهما على الاخر في المعنى، ومنه الثناء لعطف المناقب في المدح، ومنه الاستثناء لأنه عطف عليه بالاخراج منه، انتهى. وقال أيضا: الاستخفاء طلب خفاء الشئ يقال: استخفى وتخفى بمعنى، وكذلك استغشى وتغشى، انتهى.
فالمراد بقوله: (يثنون صدورهم ليستخفوا منه) أنهم يميلون بصدورهم إلى خلف ويطأطئون رؤوسهم ليتخفوا من الكتاب أي من استماعه حين تلاوته وهو كناية عن استخفائهم من النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومن حضر عنده حين تلاوة القرآن عليهم للتبليغ لئلا يروا هناك فتلزمهم الحجة.
وقوله: (ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم) الخ، كأنهم كانوا يسترون رؤوسهم أيضا بثيابهم عند استخفائهم بثني الصدور فذكر الله سبحانه ذلك وأخبر أنه تعالى يعلم عند ذلك ما يسرون وما يعلنون فما يغنيهم التخفي عن استماع القرآن والله يعلم سرهم وعلانيتهم.
وقيل: إن المراد باستغشائهم ثيابهم هو الاستغشاء في بيوتهم ليلا عند أخذ المضاجع للنوم، وهو أخفى ما يكون فيه الانسان وأخلى أحواله، والمعنى: أنهم يثنون صدورهم ليستخفوا من هذا الكتاب عند تلاوته عليهم، والله يعلم سرهم وعلانيتهم في أخفى ما يكونون عليه من الحال وهو حال تغشيهم بثيابهم للنوم، ولا يخلو الوجه من ظهور.
هذا ما يفيده السياق في معنى الآية، وربما ذكر لها معان أخر بعيدة من السياق منها قولهم: إن الضمير في (ليستخفوا منه) راجع إليه تعالى أو إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومنها قول بعضهم: (يثنون صدورهم) أي يطوونها على الكفر، وقول آخرين:
أي يطوونها على عداوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى غير ذلك من المعاني المذكورة وهى جميعا معان بعيدة.
(١٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة يونس 5
2 سورة هود 134
3 (25 - 35) كلام في قدرة الأنبياء والأولياء (بحث فلسفي قرآني) 210
4 (36 - 49) أبحاث حول قصة نوح في فصول (بحث قرآني روائي) 247
5 1 - الإشارة إلى قصته (بحث تاريخي فلسفي) 247
6 2 - قصته عليه السلام في القرآن: 248
7 بعثه وإرساله، دينه وشريعته 248
8 لبثه في قومه، صنعه الفلك 249
9 نزول العذاب ومجئ الطوفان 250
10 قضاء الأمر ونزوله ومن معه إلى الأرض 250
11 قصة ابن نوح الغريق 250
12 3 - خصائص نوح عليه السلام 251
13 4 - قصته في التوراة الحاضرة 252
14 5 - ما جاء في أمر الطوفان في أخبار الأمم وأساطيرهم 257
15 6 - هل كانت نبوته عامة للبشر؟ 259
16 7 - هل الطوفان كان عاما لجميع الأرض؟ 264
17 بحث جيلوجي ملحق بهذا الفصل في فصول 1 - الأراضي الرسوبية 266
18 2 - الطبقات الرسوبية أحدث القشور والطبقات الجيلوجية 267
19 3 - انبساط البحار واتساعها 268
20 4 - العوامل المؤثرة في ازدياد المياه وغزارة عملها في عهد الطوفان 269
21 5 - نتيجة البحث 270
22 6 - عمره عليه السلام الطويل 270
23 7 - أين هو جبل الجودي؟ 271
24 8 - شبهة وجوابها 271
25 (36 - 49) كلام في عبادة الأصنام وفيه فصول (بحث قرآني روائي) 1 - الانسان واطمئنانه إلى الحس (تاريخي فلسفي) 272
26 2 - الإقبال إلى الله بالعبادة 274
27 3 - كيف نشأت الوثنية؟ 275
28 4 - اتخاذ الأصنام لأرباب الأنواع وغيرهم 277
29 5 - الوثنية الصابئة 278
30 6 - الوثنية البرهمية؟ 279
31 7 - الوثنية البوذية 283
32 8 - وثنية العرب 285
33 9 - دفاع الاسلام عن التوحيد ومنازلته الوثنية 287
34 10 - بناء سيرة النبي على التوحيد ونفي الشركاء 290
35 كلام آخر ملحق بالكلام السابق في فصول 290
36 1 - التناسخ عند الوثنيين 290
37 2 - سريان هذه المحاذير إلى سائر الأديان 293
38 3 - إصلاح الاسلام لهذه المفاسد 294
39 4 - إشكال الاستشفاع والتبرك في الاسلام 295
40 كلام في قصة هود (بحث تاريخي قرآني) 307
41 1 - عاد قوم هود 307
42 2 - شخصية هود المعنوية 308
43 كلام في قصة صالح في فصول (بحث تاريخي قرآني) 317
44 1 - ثمود قوم صالح عليه السلام 2 - بعثة صالح 317
45 3 - شخصية صالح 318
46 كلام في قصة البشرى (بحث قرآني) 332
47 كلام في قصة لوط وقومه في فصول: (بحث قرآني تاريخي) 352
48 1 - قصته وقصة قومه في القرآن 352
49 2 - عاقبة أمرهم 353
50 3 - شخصية لوط المعنوية 4 - لوط وقومه في التوراة 354
51 (82 - 95) كلام في معنى حرية الانسان في عمله 370
52 (82 - 95) كلام في قصة شعيب وقومه في القرآن في فصول: (بحث قرآني تاريخي) 377
53 1 - قصته عليه السلام 377
54 2 - شخصيته المعنوية 3 - ذكره في التوراة 378