تكرر في القرآن أن الرزق من أفعاله تعالى المختصة به وأنه حق للخلق عليه تعالى قال تعالى: (أمن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه) الملك: 21، وقال تعالى:
(إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين) الذاريات: 58 وقال تعالى: (وفي السماء رزقكم وما توعدون فو رب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون) الذاريات: 23.
ولا ضير في أن يثبت عليه تعالى حق لغيره إذا كان تعالى هو الجاعل الموجب لذلك على نفسه من غير أن يداخل فيه غيره، ولذلك نظائر في كلامه تعالى كما قال:
(كتب على نفسه الرحمة) الانعام: 12، وقال: (وكان حقا علينا نصر المؤمنين) الروم: 47 إلى غير ذلك من الآيات.
والاعتبار العقلي يؤيد ذلك فإن الرزق هو ما يديم به المخلوق الحي وجوده وإذ كان وجوده من فيض جوده تعالى فما يتوقف عليه من الرزق من قبله، وإذ لا شريك له تعالى في إيجاده لا شريك له في ما يتوقف عليه وجوده كالرزق.
وقد تقدم بعض الكلام في معنى الكتاب المبين في سورة الأنعام آية: 59 وفي سورة يونس آية: 61 فليراجع.
قوله تعالى: (وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء) الكلام المستوفى في توصيف خلق السماوات والأرض على ما يظهر من كلامه تعالى ويفسره ما ورد في ذلك عن أهل العصمة عليهم السلام موكول إلى ما سيأتي من تفسير سورة حم السجدة إن شاء الله تعالى.
وإجمال القول الذي يظهر به معنى قوله: (ستة أيام) وقوله: (وكان عرشه على الماء) هو أن الظاهر أن ما يذكره تعالى من السماوات - بلفظ الجمع - ويقارنها بالأرض ويصف خلقها في ستة أيام طبقات من الخلق الجسماني المشهود تعلو أرضنا فكل ما علاك وأظلك فهو سماء على ما قيل والعلو والسفل من المعاني الإضافية.
فهى طبقات من الخلق الجسماني المشهود تعلو أرضنا وتحيط بها فإن الأرض