أمركم عليكم غمة إن لم تكونوا اجتهدتم في التوسل إلى كل سبب في دفعي (ثم اقضوا إلى) بدفعي وقتلى (ولا تنظرون) ولا تمهلوني.
وفي الآية تحديه عليه السلام على قومه بأن يفعلوا به ما بدا لهم، وإظهار أن ربه قدير على دفعهم عنه وإن أجمعوا عليه وانتصروا بشركائهم وآلهتهم.
قوله تعالى: (فإن توليتم فما سألتكم من أجر) إلى آخر الآية. تفريع على توكله بربه، وقوله: (فما سألتكم) الخ، بمنزلة وضع السبب موضع المسبب والتقدير فإن توليتم وأعرضتم عن استجابة دعوتي فلا ضير لي في ذلك فإني لا أتضرر في إعراضكم شيئا لأني إنما كنت أتضرر بإعراضكم عنى لو كنت سألتكم أجرا على ذلك يفوت بالاعراض وما سألتكم عليه من أجر إن أجرى إلا على الله.
وقوله: (وأمرت أن أكون من المسلمين) أي الذين يسلمون الامر إليه فيما أراده لهم وعليهم، ولا يستكبرون عن امره بالتسليم لسائر الأسباب الظاهرة حتى يخضعوا لها ويتوقعوا به ايصال نفع أو دفع شر.
قوله تعالى: (فكذبوه فنجيناه ومن معه في الفلك وجعلناهم خلائف) إلى آخر الآية، الخلائف جمع خليفة أي جعلنا هؤلاء الناجين خلائف في الأرض والباقين من بعدهم يخلفون سلفهم ويقومون مقامهم، والباقي ظاهر.
قوله تعالى: (ثم بعثنا من بعده رسلا إلى قومهم) إلى آخر الآية، يريد بالرسل من جاء منهم بعد نوح إلى زمن موسى عليهم السلام. وظاهر السياق أن المراد بالبينات الآيات المعجزة التي اقترحتها الأمم على أنبيائهم بعد مجيئهم ودعوتهم وتكذيبهم لهم فأتوا بها وكان فيها القضاء بينهم وبين أممهم، ويؤيده قوله بعده: (فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل) الخ، فإن السابق إلى الذهن أنهم جاءوهم بالآيات البينات لكن الله قد كان طبع على قلوبهم لاعتدائهم فلم يكن في وسعهم أن يؤمنوا ثانيا بما كذبوا به أولا.
ولازم ذلك أن يكون تكذيبهم بذلك قبل مجئ الرسل بتلك الآيات البينات فقد كانت الرسل بثوا دعوتهم فيهم ودعوهم إلى توحيد الله فكذبوا به وبهم ثم اقترحوا