الحياة فتعلقت العناية به فاختص بذكر الاذن بعده من غير أن ينتظر فيه آخر الكلام صونا لقلوب السامعين من أن يخطر فيها أن غيره تعالى يستقل دونه بإفاضة الحياة أو تلبث فيها هذه الخطرة ولو لحظات يسيرة، والله أعلم.
وقوله: " وإذ تخرج الموتى بإذني " إخراج الموتى كناية عن إحيائها، وفيه عناية ظاهرة بأن الاحياء الذي جرى على يديه عليه السلام كان إحياء لموتي مقبورين بإفاضة الحياة عليهم وإخراجهم من قبورهم إلى حياة دنيوية، وفى اللفظ دلالة على الكثرة، وقد تقدم في الكلام على آيات آل عمران بقية ما يتعلق بهذه الآيات من الكلام فراجع ذلك.
قوله تعالى: " وإذ كففت بني إسرائيل عنك " إلى آخر الآية. فيه دلالة على أنهم قصدوه بشر فكفهم الله عن ذلك فينطبق على ما ذكره الله في سورة آل عمران في قصصه عليه السلام بقوله: " ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين ".
قوله تعالى: " وإذ أوحيت إلى الحواريين " الآية، الآية منطبقة على آيات سورة آل عمران بقوله: " فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله وأشهد بإنا مسلمون " (آل عمران: 52).
ومن هنا يظهر أن هذا الايمان الذي ذكره في الآية بقوله: " وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي قالوا آمنا، الآية غير إيمانهم الأول به عليه السلام فإن ظاهر قوله في آية آل عمران: " فلما أحس عيسى منهم الكفر " إنه كان في أواخر أيام دعوته وقد كان الحواريون وهم السابقون الأولون في الايمان به ملازمين له.
على أن ظاهر قوله في آية آل عمران: " قال من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله وأشهد بأنا مسلمون " أن الدعوة إنما سيقت لاخذ الميثاق على نصرة دين الله لا أصل الايمان بالله، ولذلك ختم الآية بقولهم: " وأشهد بأنا مسلمون " وهو التسليم لأمر الله بإقامة دعوته وتحمل الأذى في جنبه، وكل ذلك بعد أصل الايمان بالله طبعا.
فتبين أن المراد بقوله: " وإذ أوحيت إلى الحواريين، الخ " قصة أخذ الميثاق من الحواريين، وفى الآية أبحاث أخر مرت في تفسير سورة آل عمران.