وقد أقسم الله تعالى بكثير من خلقه كالسماء والأرض والشمس والقمر والكنس الخنس من الكواكب وبالنجم إذا هوى، وأقسم بالجبل والبحر والتين والزيتون والفرس وأقسم بالليل والنهار والصبح والشفق والعصر والضحى ويوم القيامة، وأقسم بالنفس، وأقسم بالكتاب والقرآن العظيم وحياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبالملائكة إلى غير ذلك في آيات كثيرة ولا يستقيم قسم إلا عن إعظام.
فما المانع من أن نجرى على ما جرى عليه كلامه تعالى من إعظامها بالعظمة الموهوبة ونقتصر على ذلك، ولو كان ذلك من الشرك لكان كلامه تعالى أولى بالتحرز منه وأحرى برعايته.
وأيضا قد عظم الله تعالى أمور كثيرة في كلامه كالقرآن والعرش وخلق النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال تعالى: " والقرآن العظيم " (الحجر: 87)، وقال: " وهو رب العرش العظيم " (التوبة: 129)، وقال: " وإنك لعلى خلق عظيم " (ن: 4)، وجعل لأنبيائه ورسله والمؤمنين حقوقا على نفسه وعظمها واحترمها، قال تعالى: " ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين، إنهم لهم المنصورون " (الصافات: 172)، وقال: " وكان حقا علينا نصر المؤمنين " (الروم: 47)، فما المانع من أن نعظمها ونجرى على ما جرى عليه كلامه في مطلق القسم، وأن نقسمه تعالى بشئ مما أقسم به أو بحق من الحقوق التي جعلها لأوليائه على نفسه؟ نعم اليمين الشرعي الذي له آثار شرعية في باب اليمين أو القضاء لا ينعقد بغير الله سبحانه كما بين في الفقه وليس كلامنا فيه.
وإن أراد به أن مطلق الاعظام كيفما كان لا يجوز في غير الله حتى إعظامها بما عظمها الله تعالى فهو مما لا دليل عليه بل القاطع من الدليل على خلافه.
وربما قيل: إن في الأقسام بحق النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسائر الأولياء والتقرب إليهم والاستشفاع بهم بأي وجه كان عبادة وإعطاء سلطة غيبية لها. والكلام فيه كالكلام في سابقه: فإن أريد بهذه السلطة الغيبية السلطة المستقلة الخاصة بالله فلا يذعن بها مسلم مؤمن بكتاب الله في غيره تعالى، وإن أريد بها مطلق السلطة غير المادية ولو كان بإذن الله فما الدليل على امتناع أن يتصف بها بعض عباد الله كأوليائه مثلا بإذنه، وقد نص القرآن الشريف على كثير من السلطات الغيبية في الملائكة كما قال: " حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون " (الانعام: 61)، وقال: " قل يتوفاكم ملك