" التوبة: 112)، وهو ممثل للخضوع والتذلل لله، غير أنه لم يشرع في الاسلام في غير حال الصلاة بخلاف السجدة. ولكونه مشتملا على الخضوع والتذلل ربما استعير لمطلق التذلل والخضوع أو الفقر والاعسار الذي لا يخلو عادة عن التذلل للغير.
قوله تعالى: " ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون "، التولي هو الاخذ وليا، و " الذين آمنوا " مفيد للعهد والمراد به المذكور في الآية السابقة: " والذين آمنوا الذين " (الخ)، وقوله: " فإن حزب الله هم الغالبون " واقع موقع الجزاء وليس به بل هو من قبيل وضع الكبرى موضع النتيجة للدلالة على علة الحكم، والتقدير: ومن يتول فهو غالب لأنه من حزب الله وحزب الله هم الغالبون، فهو من قبيل الكناية عن أنهم حزب الله.
والحزب على ما ذكره الراغب جماعة فيها غلظ، وقد ذكر الله سبحانه حزبه في موضع آخر من كلامه قريب المضمون من هذا الموضع، ووسمهم بالفلاح فقال: " لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الايمان وأيدهم بروح منه - إلى أن قال: - أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون " (المجادلة: 22).
والفلاح الظفر وإدراك البغية التي هي الغلبة والاستيلاء على المراد، وهذه الغلبة والفلاح هي التي وعدها الله المؤمنين في أحسن ما وعدهم به وبشرهم بنيله، قال تعالى:
" قد أفلح المؤمنون " (المؤمنون: 1)، والآيات في ذلك كثيرة، وقد اطلق اللفظ في جميعها، فالمراد الغلبة المطلقة والفلاح المطلق أي الظفر بالسعادة والفوز بالحق والغلبة على الشقاء، وإدحاض الباطل في الدنيا والآخرة، أما في الدنيا فبالحياة الطيبة التي توجد في مجتمع صالح من أولياء الله في أرض مطهرة من أولياء الشيطان على تقوى وورع، وأما في الآخرة ففي جوار رب العالمين.
(بحث روائي) في الكافي عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة،