وهى توجب اشتراك المعين والمعان في الاثم جميعا لا انفراد الظالم بحمل الاثنين معا.
وجه الاندفاع: أن قوله: " إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك "، قول على تقدير بالمعنى الذي تقدم بيانه.
وقد أجيب عن الاشكالين ببعض وجوه سخيفة لا جدوى في ذكرها.
قوله تعالى: " إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار " أي ترجع بإثمي وإثمك كما فسره بعضهم، وقال الراغب في مفرداته: أصل البواء مساواة الاجزاء في المكان خلاف النبوة الذي هو منافاة الاجزاء يقال: مكان بواء إذا لم يكن نابئا بنازله، وبوأت له مكانا: سويته فتبوأ - إلى أن قال - وقوله: إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك أي تقيم بهذه الحالة. قال:
(أنكرت باطلها وبؤت بحقها) انتهى، وعلى هذا فتفسيره بالرجوع تفسير بلازم المعنى.
والمراد بقوله: " أن تبوء بإثمي وإثمك " أن ينتقل إثم المقتول ظلما إلى قاتله على إثمه الذي كان له فيجتمع عليه الأثمان، والمقتول يلقى الله سبحانه ولا إثم عليه، فهذا ظاهر قوله: " أن تبوء بإثمي وإثمك " وقد ورد بذلك الروايات والاعتبار العقلي يساعد عليه.
وقد تقدم شطر من البحث فيه في الكلام على أحكام الأعمال في الجزء الثاني من الكتاب.
والاشكال عليه بأن لازمه جواز مؤاخذة الانسان بذنب غيره، والعقل يحكم بخلافه، وقد قال تعالى: " لا تزر وازرة وزر أخرى " (النجم: 38). مدفوع بأن ذلك ليس من أحكام العقل النظري حتى يختم عليه باستحالة الوقوع، بل من أحكام العقل العملي التي تتبع مصالح المجتمع الانساني في ثبوتها وتغيرها، ومن الجائز أن يعتبر المجتمع الفعل الصادر عن أحد فعلا صادرا عن غيره ويكتبه عليه ويؤاخذه به، أو الفعل الصادر عنه غير صادر عنه كما إذا قتل إنسانا وللمجتمع على المقتول حقوق كان يجب أن يستوفيها منه، فمن الجائز أن يستوفى المجتمع حقوقه من القاتل، وكما إذا بغى على المجتمع بالخروج والافساد والاخلال بالأمن العام فإن للمجتمع أن يعتبر جميع الحسنات الباغي كأن لم تكن، إلى غير ذلك.
ففي هذه الموارد وأمثالها لا يرى المجتمع السيئات التي صدرت من المظلوم إلا أوزارا