والمراد بكون الانقاذ من الضلالة تأويلا أعظم للآية كونه تفسيرا أدق لها، والتأويل كثيرا ما كان يستعمل في صدر الاسلام مرادفا للتفسير.
ويؤيد ما ذكرناه ما في تفسير العياشي عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال سألته عن قول الله: " من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا " فقال: له في النار مقعد لو قتل الناس جميعا لم يزد على ذلك العذاب. قال: " ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا " لم يقتلها أو أنجى من غرق أو حرق، وأعظم من ذلك كلها يخرجها من ضلالة إلى هدى.
أقول: وقوله " لم يقتلها " أي لم يقتلها بعد ثبوت القتل لها كما في مورد القصاص.
وفيه: عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته: " ومن أحياها فقد أحيا الناس جميعا " قال: من استخرجها من الكفر إلى الايمان.
أقول: وقد ورد هذا المعنى في كثير من الروايات الواردة من طرق أهل السنة.
وفي المجمع: روى عن أبي جعفر عليه السلام: المسرفون الذين يستحلون المحارم ويسفكون الدماء (بحث علمي وتطبيق) في الأصحاح الرابع من سفر التكوين من التوراة ما نصه: (1) وعرف آدم حواء امرأته فحبلت وولدت قايين وقالت اقتنيت رجلا من عند الرب (2) ثم عادت فولدت أخاه هابيل وكان هابيل راعيا للغنم وكان قايين عاملا في الأرض (3) وحدث من بعد أيام أن قايين قدم من اثمار الأرض قربانا للرب (4) وقدم هابيل أيضا من ابكار غنمه ومن سمانها فنظر الرب إلى هابيل وقربانه (5) ولكن إلى قايين وقربانه لم ينظر فاغتاظ قايين جدا وسقط وجهه (6) فقال الرب لقايين لماذا اغتظت ولماذا سقط وجهك (7) إن أحسنت أفلا رفع وإن لم تحسن فعند الباب خطية رابضة وإليك اشتياقها وأنت تسود عليها (8) وكلم قايين هابيل أخاه وحدث إذ كانا في الحقل ان قايين قام على هابيل أخيه وقتله (9) فقال الرب لقايين أين هابيل أخوك فقال لا أعلم أحارس انا لأخي (10) فقال ماذا فعلت صوت دم أخيك صارخ إلى من الأرض (11) فالآن ملعون أنت من الأرض