تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٥ - الصفحة ٣٧٧
للذين في قلوبهم مرض ويمكن العكس، وكذا الضمير في قوله: " حبطت أعمالهم فأصبحوا "، يمكن رجوعه إلى اليهود والنصارى، وإلى الذين في قلوبهم مرض.
لكن الظاهر من السياق أن الخطاب للذين في قلوبهم مرض، والإشارة إلى اليهود والنصارى، وقوله: " حبطت أعمالهم "، كالجواب لسؤال مقدر، والمعنى: وعسى أن يأتي الله بالفتح أو أمر من عنده فيقول الذين آمنوا لهؤلاء الضعفاء الايمان عند حلول السخط الإلهي بهم: أهؤلاء اليهود والنصارى هم الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم أي أيمانهم التي بالغوا وجهدوا فيها جهدا أنهم لمعكم فلما ذا لا ينفعونكم؟! ثم كأنه سئل فقيل: فإلى م انتهى أمر هؤلاء الموالين؟ فقيل في جوابه: حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين.
(كلام في معنى مرض القلب) وفي قوله تعالى: " في قلوبهم مرض " دلالة على أن للقلوب مرضا فلها لا محالة صحة إذ الصحة والمرض متقابلان لا يتحقق أحدهما في محل إلا بعد إمكان تلبسه بالآخر كالبصر والعمى ألا ترى أن الجدار مثلا لا يتصف بأنه مريض لعدم جواز اتصافه بالصحة والسلامة.
وجميع الموارد التي أثبت الله سبحانه فيها للقلوب مرضا في كلامه يذكر فيها من أحوال تلك القلوب وآثارها أمورا تدل على خروجها من استقامة الفطرة، وانحرافها عن مستوى الطريقة كقوله تعالى: " وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا " (الأحزاب: 12) وقوله تعالى: " إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم " (الأنفال: 49) وقوله تعالى: " ليجعل ما يلقى الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم " (الحج: 53) إلى غير ذلك.
وجملة الامر أن مرض القلب تلبسه بنوع من الارتياب والشك يكدر أمر الايمان بالله والطمأنينة إلى آياته، وهو اختلاط من الايمان بالشرك، ولذلك يرد على مثل هذا القلب من الأحوال، ويصدر عن صاحب هذا القلب في مرحلة الأعمال والافعال ما يناسب الكفر بالله وبآياته.
وبالمقابلة تكون سلامة القلب وصحته هي استقراره في استقامة الفطرة ولزومه مستوى الطريقة، ويؤل إلى خلوصه في توحيد الله سبحانه وركونه إليه عن كل شئ يتعلق به هوى الانسان، قال تعالى: " يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم " (الشعراء: 89).
ومن هنا يظهر أن الذين في قلوبهم مرض غير المنافقين كما لا يخلو تعبير القرآن عنهما
(٣٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 372 373 374 375 376 377 378 379 380 381 382 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة النساء 5
2 (77 - 80) كلام في استناد الحسنات والسيئات إليه تعالى. (بحث قرآني) 9
3 (85 - 91) في معنى التحية. (بحث قرآني) 31
4 (95 - 100) في المستضعف. (بحث قرآني) 51
5 (105 - 126) في معنى العصمة. (بحث قرآني) 78
6 سورة المائدة 156
7 (1 - 3) في معنى العقد. (بحث قرآني) 158
8 بحث علمي في فصول ثلاثة: (1 - 3) 1 - العقائد في اكل اللحم. (بحث علمي) 183
9 (1 - 3) 2 - كيف امر بقتل الحيوان والرحمة تأباه؟ (بحث علمي) 184
10 (1 - 3) 3 - لماذا بني الاسلام على التذكية؟ (بحث علمي) 187
11 (15 - 19) كلام في طريق التفكر الذي يهدي إليه القرآن (بحث مختلط قرآني وروائي) 254
12 (15 - 19) في تاريخ التفكر الاسلامي اجمالا. (بحث تاريخي) 271
13 (27 - 32) كلام في معنى الاحساس والتفكير. (بحث قرآني) 308
14 (27 - 32) في تطبيق قصة ابني آدم على ما في التوراة. (بحث علمي) 323
15 (41 - 50) كلام في معنى الشريعة والفرق بينها وبين الدين والملة في عرف القرآن. (بحث قرآني) 350
16 (51 - 54) كلام في معنى مرض القلب. (بحث قرآني) 377
17 (51 - 54) كلام في كليات حوادث آخر الزمان. (بحث قرآني وروائي) 390