الشرع نهج الطريق الواضح يقال: شرعت له طريقا والشرع مصدر ثم جعل اسما للطريق النهج فقيل له: شرع وشرع وشريعة، واستعير ذلك للطريقة الإلهية قال: " شرعة ومنهاجا " - إلى أن قال - قال بعضهم: سميت الشريعة شريعة تشبيها بشريعة الماء انتهى.
ولعل الشريعة بالمعنى الثاني مأخوذ من المعنى الأول لوضوح طريق الماء عندهم بكثرة الورود والصدور وقال: النهج (بالفتح فالسكون): الطريق الواضح، ونهج الامر وأنهج وضح، ومنهج الطريق ومنهاجه.
(كلام في معنى الشريعة) (والفرق بينها وبين الدين والملة في عرف القرآن) معنى الشريعة كما عرفت هو الطريقة، والدين وكذلك الملة طريقة متخذة لكن الظاهر من القرآن انه يستعمل الشريعة في معنى أخص من الدين كما يدل عليه قوله تعالى: " إن الدين عند الله الاسلام " (آل عمران: 19)، وقوله تعالى: " ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين " (آل عمران: 85) إذا انضما إلى قوله:
" لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا " (الآية) وقوله: " ثم جعلناك على شريعة من الامر فاتبعها " (الجاثية: 18).
فكان الشريعة هي الطريقة الممهدة لامة من الأمم أو لنبي من الأنبياء الذين بعثوا بها كشريعة نوح وشريعة إبراهيم وشريعة موسى وشريعة عيسى وشريعة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، والدين هو السنة والطريقة الإلهية العامة لجميع الأمم فالشريعة تقبل النسخ دون الدين بمعناه الوسيع.
وهناك فرق آخر وهو ان الدين ينسب إلى الواحد والجماعة كيفما كانا، ولكن الشريعة لا تنسب إلى الواحد إلا إذا كان واضعها أو القائم بأمر ها يقال: دين المسلمين ودين اليهود وشريعتهم، ويقال: دين الله وشريعته ودين محمد وشريعته، ويقال: دين زيد وعمرو، ولا يقال: شريعة زيد وعمرو، و لعل ذلك لما في لفظ الشريعة من التلميح إلى المعنى الحدثي وهو تمهيد الطريق و نصبه فمن الجائز ان يقال: الطريقة التي مهدها الله أو الطريقة التي مهدت للنبي أو للأمة الفلانية دون ان يقال: الطريقة التي مهدت لزيد إذ لا اختصاص له بشئ.
وكيف كان فالمستفاد منها ان الشريعة أخص معنى من الدين، واما قوله تعالى: