تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٥ - الصفحة ٣١٥
انتهى. ثم استعمل للتعليل، يقال: فعلته من أجل كذا أي إن كذا سبب فعلى، ولعل استعمال الكلمة في التعليل ابتدء، أولا في مورد الجناية والجريرة كقولنا: أساء فلان ومن أجل ذلك أدبته بالضرب أي إن ضربي ناش من جنايته وجريرته التي هي إساءته أو من جناية هي إسائته، ثم أرسلت كلمة تعليل فقيل: أزورك من أجل حبى لك ولأجل حبى لك.
وظاهر السياق أن الإشارة بقوله: " من اجل ذلك " إلى نبأ ابني آدم المذكور في الآيات السابقة أي إن وقوع تلك الحادثة الفجيعة كان سببا لكتابتنا على بني إسرائيل كذا وكذا، وربما قيل: إن قوله: " من أجل ذلك " متعلق بقوله في الآية السابقة:
" فأصبح من النادمين " أي كان ذلك سببا لندامته، وهذا القول وإن كان في نفسه غير بعيد كما في قوله تعالى: " كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تتفكرون في الدنيا والآخرة ويسألونك عن اليتامى " الآية (البقرة: 220) إلا أن لازم ذلك كون قوله: " كتبنا على بني إسرائيل " (الخ) مفتتح الكلام والمعهود من السياقات القرآنية أن يؤتى في مثل ذلك بواو الاستيناف كما في آية البقرة المذكورة آنفا وغيرها.
وأما وجه الإشارة في قوله: " من أجل ذلك " إلى قصة ابني آدم فهو أن القصة تدل على أن من طباع هذا النوع الانساني أن يحمله اتباع الهوى والحسد الذي هو الحنق للناس بما ليس في اختيارهم أن يحمله أوهن شئ على منازعة الربوبية وإبطال غرض الخلقة بقتل أحدهم أخاه من نوعه وحتى شقيقه لأبيه وامه.
فأشخاص الانسان إنما هم أفراد نوع واحد وأشخاص حقيقة فاردة، يحمل الواحد منهم من الانسانية ما يحمله الكثيرون، ويحمل الكل ما يحمله البعض، وإنما أراد الله سبحانه بخلق الافراد وتكثير النسل أن تبقى هذه الحقيقة التي ليس من شأنها أن تعيش إلا زمانا يسيرا، ويدوم بقاؤها فيخلف اللاحق السابق ويعبد الله سبحانه في أرضه، فإفناء الفرد بالقتل إفساد في الخلقة وإبطال لغرض الله سبحانه في الانسانية المستبقاة بتكثير الافراد بطريق الاستخلاف كما أشار إليه ابن آدم المقتول فيما خاطب أخاه: " ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين " فأشار إلى أن القتل بغير الحق منازعة الربوبية.
فلأجل أن من طباع الانسان أن يحمله أي سبب واه على ارتكاب ظلم يؤل بحسب الحقيقة إلى إبطال حكم الربوبية وغرض الخلقة في الانسانية العامة، وكان من شأن بنى
(٣١٥)
مفاتيح البحث: القتل (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 310 311 312 313 314 315 316 317 318 319 320 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة النساء 5
2 (77 - 80) كلام في استناد الحسنات والسيئات إليه تعالى. (بحث قرآني) 9
3 (85 - 91) في معنى التحية. (بحث قرآني) 31
4 (95 - 100) في المستضعف. (بحث قرآني) 51
5 (105 - 126) في معنى العصمة. (بحث قرآني) 78
6 سورة المائدة 156
7 (1 - 3) في معنى العقد. (بحث قرآني) 158
8 بحث علمي في فصول ثلاثة: (1 - 3) 1 - العقائد في اكل اللحم. (بحث علمي) 183
9 (1 - 3) 2 - كيف امر بقتل الحيوان والرحمة تأباه؟ (بحث علمي) 184
10 (1 - 3) 3 - لماذا بني الاسلام على التذكية؟ (بحث علمي) 187
11 (15 - 19) كلام في طريق التفكر الذي يهدي إليه القرآن (بحث مختلط قرآني وروائي) 254
12 (15 - 19) في تاريخ التفكر الاسلامي اجمالا. (بحث تاريخي) 271
13 (27 - 32) كلام في معنى الاحساس والتفكير. (بحث قرآني) 308
14 (27 - 32) في تطبيق قصة ابني آدم على ما في التوراة. (بحث علمي) 323
15 (41 - 50) كلام في معنى الشريعة والفرق بينها وبين الدين والملة في عرف القرآن. (بحث قرآني) 350
16 (51 - 54) كلام في معنى مرض القلب. (بحث قرآني) 377
17 (51 - 54) كلام في كليات حوادث آخر الزمان. (بحث قرآني وروائي) 390