إن كنتم مؤمنين قالوا يا موسى انا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا انا ههنا قاعدون قال رب انى لا أملك الا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين " فلما أبوا ان يدخلوها حرمها الله عليهم فتاهوا في أربع فراسخ أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين.
قال أبو عبد الله عليه السلام: كانوا إذا أمسوا نادى مناديهم: الرحيل فيرتحلون بالحدا والزجر حتى إذا أسحروا أمر الله الأرض فدارت بهم فيصبحوا في منزلهم الذي ارتحلوا منه فيقولون: قد أخطأتم الطريق فمكثوا بهذا أربعين سنة، ونزل عليهم المن والسلوى حتى هلكوا جميعا الا رجلان: يوشع بن نون وكالب بن يوفنا وأبناءهم وكانوا يتيهون في نحو أربع فراسخ فإذا أرادوا ان يرتحلوا يبست ثيابهم عليهم وخفافهم.
قال: وكان معهم حجر إذا أنزلوا ضربه موسى بعصاه فانفرجت منه اثنتا عشرة عينا لكل سبط عين، فإذا ارتحلوا رجع الماء إلى الحجر ووضع الحجر على الدابة، الحديث.
أقول: والروايات فيما يقرب من هذه المعاني كثيرة من طرق الشيعة وأهل السنة وقوله في الرواية: وقال أبو عبد الله (الخ) رواية أخرى، وهذه الروايات وان اشتملت في معنى التيه وغيره على أمور لا يوجد في كلامه تعالى ما تتأيد به لكنها مع ذلك لا تشتمل على شئ مما يخالف الكتاب، وامر بني إسرائيل في زمن موسى عليه السلام كان عجيبا تحتف بحياتهم خوارق العادة من كل ناحية فلا ضير في أن يكون تيههم على هذا النحو المذكور في الروايات.
وفي تفسير العياشي عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه السلام: انه سئل عن قول: " ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم قال: كتبها لهم ثم محاها ثم كتبها لأبنائهم فدخلوها والله يمحو ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب.
أقول. وروى هذا المعنى أيضا عن إسماعيل الجعفي عنه عليه السلام وعن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام. وقد قاس عليه السلام الكتابة بالنسبة إلى السامعين لخطاب موسى عليه السلم بدخول الأرض، والى الداخلين فيها فأنتج البداء في خصوص المكتوب لهم فلا ينافي ذلك ظاهر سياق الآية: ان المكتوب لهم هم الداخلون، وانما حرموا الدخول أربعين سنة ورزقوه بعدها فإن الخطاب في الآية متوجه بحسب المعنى