(بيان) الآيات تنبئ عن قصة ابني آدم، وتبين ان الحسد ربما يبلغ بابن آدم إلى حيث يقتل أخاه ظالما فيصبح من الخاسرين ويندم ندامة لا يستتبع نفعا، وهى بهذا المعنى ترتبط بما قبلها من الكلام على بني إسرائيل واستنكافهم عن الايمان برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فان اباءهم عن قبول الدعوة الحقة لم يكن الا حسدا وبغيا، وهذا شأن الحسد يبعث الانسان إلى قتل أخيه ثم يوقعه في ندامة وحسرة لا مخلص عنها ابدا، فليعتبروا بالقصة ولا يلحوا في حسدهم ثم في كفرهم ذاك الالحاح.
قوله تعالى: " واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق " (الآية) التلاوة من التلو وهى القراءة سميت بها لان القارئ للنبأ يأتي ببعض اجزائه في تلو بعض آخر. والنبأ هو الخبر إذا كان ذا جدوى ونفع. والقربان ما يتقرب به إلى الله سبحانه أو إلى غيره، وهو في الأصل مصدر لا يثنى ولا يجمع. والتقبل هو القبول بزيادة عناية واهتمام بالقبول والضمير في قوله " عليهم " لأهل الكتاب لما مر من كونهم هم المقصودين في سرد الكلام.
والمراد بهذا المسمى بآدم الذي بذكر القرآن أنه أبو البشر، وقد ذكر بعض المفسرين أنه كان رجلا من بني إسرائيل تنازع ابناه في قربان قرباه فقتل أحدهما الاخر، وهو قابيل أو قايين قتل هابيل ولذلك قال تعالى بعد سرد القصة: " من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل ".
وهو فاسد أما أولا: فان القرآن لم يذكر ممن سمي بآدم إلا الذي يذكر أنه أبو البشر، ولو كان المراد بما في الآية غيره لكان من اللازم نصب القرينة على ذلك لئلا يبهم أمر القصة.
وأما ثانيا فلان بعض ما ذكر من خصوصيات القصة كقوله: " فبعث الله غرابا " انما يلائم حال الانسان الأولى الذي كان يعيش على سذاجة من الفكر وبساطة من الادراك، يأخذ باستعداده الجبلي في ادخار المعلومات بالتجارب الحاصلة من وقوع الحوادث الجزئية حادثة بعد حادثة، فالآية ظاهرة في أن القاتل ما كان يدرى أن الميت يمكن أن يستر جسده بمواراته في الأرض، وفى الخاصة إنما تناسب حال ابن آدم أبى البشر لاحال رجل