تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٥ - الصفحة ٢٩١
فظهر أن المراد بالجبارين هم أولوا السطوة والقوة من الذين يجبرون الناس على ما يريدون.
وقوله: " وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها " اشتراط منهم خروج القوم الجبارين في دخول الأرض، وحقيقته الرد لأمر موسى وإن وعدوه ثانيا الدخول على الشرط بقولهم:
" فإن يخرجوا منها فإنا داخلون ".
وقد ورد في عدة من الاخبار في صفة هؤلاء الجبارين من العمالقة وعظم أجسامهم وطول قامتهم أمور عجيبة لا يستطيع ذو عقل سليم أن يصدقها، ولا يوجد في الآثار الأرضية والابحاث الطبيعية ما يؤيدها فليست إلا موضوعة مدسوسة.
قوله تعالى: " قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما " (إلى آخر الآية) ظاهر السياق أن المراد بالمخافة مخافة الله سبحانه وأن هناك رجالا كانوا يخافون الله أن يعصوا أمره وأمر نبيه، ومنهم هذان الرجلان اللذان قالا ما قالا، وأنهما كانا يختصان من بين أولئك الذين يخافون بأن الله أنعم عليهما، وقد مر في موارد تقدمت من الكتاب أن النعمة إذا أطلقت في عرف القرآن يراد بها الولاية الإلهية فهما كانا من أولياء الله تعالى، وهذا في نفسه قرينة على أن المراد بالمخافة مخافة الله سبحانه فإن أولياء الله لا يخشون غيره قال تعالى: " ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون " (يونس: 62).
ويمكن أن يكون متعلق " أنعم " المحذوف أعني المنعم به هو الخوف فيكون المراد أن الله أنعم عليهما بمخافته، ويكون حذف مفعول " يخافون " للاكتفاء بذكره في قوله:
" أنعم الله عليهما " إذ من المعلوم أن مخافتهما لم يكن من أولئك القوم الجبارين والا لم يدعو بني إسرائيل إلى الدخول بقولهما: " ادخلوا عليهم الباب ".
وذكر بعض المفسرين: أن ضمير الجمع في " يخافون " عائد إلى بني إسرائيل والضمير العائد إلى الموصول محذوف، والمعنى: وقال رجلان من الذين يخافهم بنو إسرائيل قد أنعم الله على الرجلين بالاسلام، وأيدوه بما نسب إلى ابن جبير من قراءة " يخافون " بضم الياء قالوا.
وذلك أن رجلين من العمالقة كانا قد آمنا بموسى، ولحقا بني إسرائيل ثم قالا لبني إسرائيل ما قالا إراءة لطريق الظفر على العمالقة والاستيلاء على بلادهم وأرضهم.
وكان هذا التفسير باستناد منهم إلى بعض الأخبار الواردة في تفسير الآيات لكنه من
(٢٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة النساء 5
2 (77 - 80) كلام في استناد الحسنات والسيئات إليه تعالى. (بحث قرآني) 9
3 (85 - 91) في معنى التحية. (بحث قرآني) 31
4 (95 - 100) في المستضعف. (بحث قرآني) 51
5 (105 - 126) في معنى العصمة. (بحث قرآني) 78
6 سورة المائدة 156
7 (1 - 3) في معنى العقد. (بحث قرآني) 158
8 بحث علمي في فصول ثلاثة: (1 - 3) 1 - العقائد في اكل اللحم. (بحث علمي) 183
9 (1 - 3) 2 - كيف امر بقتل الحيوان والرحمة تأباه؟ (بحث علمي) 184
10 (1 - 3) 3 - لماذا بني الاسلام على التذكية؟ (بحث علمي) 187
11 (15 - 19) كلام في طريق التفكر الذي يهدي إليه القرآن (بحث مختلط قرآني وروائي) 254
12 (15 - 19) في تاريخ التفكر الاسلامي اجمالا. (بحث تاريخي) 271
13 (27 - 32) كلام في معنى الاحساس والتفكير. (بحث قرآني) 308
14 (27 - 32) في تطبيق قصة ابني آدم على ما في التوراة. (بحث علمي) 323
15 (41 - 50) كلام في معنى الشريعة والفرق بينها وبين الدين والملة في عرف القرآن. (بحث قرآني) 350
16 (51 - 54) كلام في معنى مرض القلب. (بحث قرآني) 377
17 (51 - 54) كلام في كليات حوادث آخر الزمان. (بحث قرآني وروائي) 390