رسول الله منهم إلا رجلان من المهاجرين وسبعة من الأنصار ثم إن المشركين هجموا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقتل دون الدفاع عنه الأنصار واحدا بعد واحد حتى لم يبق معه منهم أحد.
وروى أن الذين ثبتوا معه أحد عشر وروى ثمانية عشر حتى روى ثلاثون وهو أضعف الروايات.
ولعل هذا الاختلاف بحسب اختلاف اطلاعات الرواة وغير ذلك والذي تدل عليه روايات دفاع نسيبة المازنية عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه لم يكن عنده ساعتئذ أحد وكان من ثبت منهم ولم ينهزم مشغولا بالقتال ولم يتفق كلمة الرواة في ذلك على أحد إلا علي عليه السلام ولعل أبا دجانة الأنصاري سماك بن خرشة كذلك إلا أنه قاتل بسيف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أولا ثم وقى بنفسه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين جلى عنه أصحابه يدفع عنه النبال بمجنه وبظهره حتى أثخن رضي الله عنه.
وأما بقية أصحابه فمن ملحق به حين ما عرف صلى الله عليه وآله وسلم وعلم أنه لم يقتل وملحق به بعد حين وهؤلاء هم الذين أنزل الله عليهم النعاس غير أن الله تعالى عفا عن الجميع وقد عرفت فيما تقدم من البيان معنى العفو وذكر بعض المفسرين أن معنى العفو في هذه الآية صرفه تعالى المشركين عنهم حيث لم يبيدوهم ولم يقتلوهم عن آخرهم.
وفي الدر المنثور أخرج ابن عدي والبيهقي في الشعب بسند حسن عن ابن عباس قال: لما نزلت وشاورهم في الامر - قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - أما إن الله ورسوله لغنيان عنها - ولكن جعلها الله رحمة لامتي فمن استشار منهم لم يعدم رشدا - ومن تركها لم يعدم غيا وفيه أخرج الطبراني في الأوسط عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما خاب من استخار ولا ندم من استشار وفي نهج البلاغة: من استبد برأيه هلك - ومن شاور الرجال شاركها في عقولها وفيه: الاستشارة عين الهداية - وقد خاطر من استبد برأيه وفي الصافي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: لا وحدة أوحش من العجب - ولا مظاهرة أوثق من المشاورة