نزول كثير من آيات القصة وهى تقرب من ستين آية فإن أمرها عجيب ولا يلبث الناظر المتأمل فيها دون أن يقضى بأن المذاهب المختلفة أودعت فيها أرواحها لتنطق بلسانها بما تنتفع به وهذا هو العذر في تركنا إيرادها في هذا البحث فمن أرادها فعليه بجوامع الحديث ومطولات التفاسير.
وفي الدر المنثور ": أخرج ابن أبي حاتم عن أبي الضحى قال - نزلت ويتخذ منكم شهداء - فقتل منهم يومئذ سبعون منهم أربعة من المهاجرين - منهم حمزة بن عبد المطلب ومصعب بن عمير أخو بنى عبد الدار - والشماس بن عثمان المخزومي وعبد الله بن جحش الأسدي - وسائرهم من الأنصار.
أقول وظاهر الرواية أن أبا الضحى أخذ الشهداء في الآية بمعنى المقتولين في المعركة وعلى ذلك جرى جمهور المفسرين وقد مر في البيان السابق أن لا دليل عليه من ظاهر الكتاب بل الظاهر أن المراد بالشهداء شهداء الأعمال وفي تفسير العياشي: في قوله تعالى أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الآية - عن الصادق عليه السلام قال - إن الله علم بما هو مكونه قبل أن يكونه - وهم ذر وعلم من يجاهد ممن لا يجاهد - كما علم أنه يميت خلقه قبل أن يميتهم - ولم ير موتهم وهم أحياء.
أقول إشارة إلى ما تقدم أنه فرق بين العلم قبل الايجاد والعلم الفعلي الذي هو الفعل وأن المراد ليس هو العلم قبل الايجاد.
وفي تفسير القمي عن الصادق عليه السلام: في قوله تعالى ولقد كنتم تمنون الموت الآية - إن المؤمنين لما أخبرهم الله تعالى - بالذي فعل بشهدائهم يوم بدر في منازلهم في الجنة رغبوا في ذلك - فقالوا اللهم أرنا قتالا نستشهد فيه - فأراهم الله يوم أحد إياه فلم يثبتوا إلا من شاء الله منهم - فذلك قوله ولقد كنتم تمنون الموت الآية:
أقول وروى هذا المعنى في الدر المنثور عن ابن عباس ومجاهد وقتادة والحسن والسدي وفي تفسير القمي قال عليه السلام: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خرج يوم أحد - وعهد العاهد به على تلك الحال فجعل الرجل يقول لمن لقيه - إن رسول الله قد قتل النجا