الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل (173) - فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم (174) - إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين (175)) (بيان) الآيات مرتبطة بآيات غزوة أحد ويشعر بذلك قوله من بعد ما أصابهم القرح وقد قال فيها إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله.
قوله تعالى الذين استجابوا لله والرسول الآية الاستجابة والإجابة بمعنى واحد كما قيل وهى أن تسأل شيئا فتجاب بالقبول.
ولعل ذكر الله والرسول مع جواز الاكتفاء في المقام بذكر أحد اللفظين إنما هو لكونهم في وقعة أحد عصوا الله والرسول فأما هو تعالى فقد عصوه بالفرار والتولي وقد نهاهم الله عنه وأمر بالجهاد وأما الرسول فقد عصوه بمخالفة أمره الذي أصدره على الرماة بلزوم مراكزهم وحين كانوا يصعدون وهو يدعوهم في أخراهم فلم يجيبوا دعوته فلما استجابوا في هذه الوقعة وضع فيها بحذاء تلك الوقعة استجابتهم لله و الرسول.
وقوله للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم قصر الوعد على بعض أفراد المستجيبين لان الاستجابة فعل ظاهري لا يلازم حقيقة الاحسان والتقوى الذين عليهما مدار الاجر العظيم وهذا من عجيب مراقبة القرآن في بيانه حيث لا يشغله شأن عن شأن ومن هنا يتبين أن هؤلاء الجماعة ما كانوا خالصين لله في أمره بل كان فيهم من لم يكن محسنا متقيا يستحق عظيم الاجر من الله سبحانه وربما يقال إن من في قوله منهم بيانية كما قيل مثله في قوله تعالى محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار إلى أن قال وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة