وتذكيرهم بنعم الله عليهم من إيمان ونصر وكفاية وتعليمهم ما يسبقون به إلى شريف مقصدهم وهدايتهم إلى ما يسعدون به في حياتهم وبعد مماتهم.
وفيها قصة غزوة أحد وأما الآيات المشيرة إلى غزوة بدر فإنما هي من قبيل الضميمة المتممة ومحلها محل شاهد القصة وليست مقصودة بالأصالة على ما سيجئ.
قوله تعالى وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال إذ ظرف متعلق بمحذوف كا ذكر ونحوه وغدوت من الغدو وهو الخروج غداة والتبوئة تهيئة المكان للغير أو إسكانه وإيطانه المكان والمقاعد جمع وأهل الرجل كما ذكره الراغب من يجمعه وإياهم نسب أو بيت أو غيرهما كدين أو بلد أو صناعة يقال أهل الرجل لزوجته ولمن في بيته من زوجة وولد وخادم وغيرهم وللمنتسبين إليه من عشيرته وعترته ويقال أهل بلد كذا لقاطنيه وأهل دين كذا لمنتحليه وأهل صناعة كذا لصناعها وأساتيدها ويستوى فيه المذكر والمؤنث والمفرد والجمع ويختص استعماله بالانسان فأهل الشئ خاصته من الانسان.
والمراد بأهل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خاصته وهم جمع وليس المراد به هاهنا شخص واحد بدليل قوله غدوت من أهلك إذ يجوز أن يقال خرجت من خاصتك ومن جماعتك ولا يجوز أن يقال خرجت من زوجتك وخرجت من أمك ولذا التجأ بعض المفسرين إلى تقدير في الآية فقال إن التقدير خرجت من بيت أهلك لما فسر الاهل بالمفرد ولا دليل يدل عليه من الكلام.
وسياق الآيات مبنى على خطاب الجمع وهو خطاب المؤمنين على ما تدل عليه الآيات السابقة واللاحقة ففي قوله وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين التفات من خطابهم إلى خطاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكأن الوجه فيه ما يلوح من آيات القصة من لحن العتاب فإنها لا تخلو من شائبة اللوم والعتاب والأسف على ما جرى وظهر من المؤمنين من الفشل والوهن في العزيمة والقتال ولذلك أعرض عن مخاطبتهم في تضاعيف القصة وعدل إلى خطاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما يخص به فقال وإذ غدوت من أهلك وقال إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم وقال ليس لك من الامر شئ وقال قل إن الامر كله بيد الله وقال فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم وقال ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا الآية.